علي الطويل
اصبح من الواضح والمشهور في سلوكيات السياسية الامريكية ، انها لاتظهر مواقفها الحقيقية وخططها الاستراتيجية في التعامل بلدان العالم ، ولعل المخفي من هذه المواقف هو الحقيقة وليس مانسمعه من على منابر السياسة الخارجية الامريكية ومتحدثيها ، او ناطقي البنتاكون والمنحدثين باسم الجيش الامريكي ، فهؤلاء يتحدثون بما يملى عليهم وفقا لما تتطلبه المصلحة الامريكية والظرف السياسي العام في العالم ، وبما ينسجم والحفاظ على تلك المصالح وعدم اظهار الجانب المتناقض في السياسة الامريكية بين المواقف المعلنة والاهداف المخفية ، وطبعا كل ذلك مدعوما بماكنة الاعلام الصهيونية العملاقة التي تسير جنبا الى جنب مع المواقف السياسية والخطط العسكرية الامريكية ، بل هي جانب رئيس في خطة تحقيق تلك الاهداف .
وماحدث ومايحدث في منطقتنا ومنذ عشرات السنين يقع كله ضمن هذا الاطار من المواقف الامريكية المتناقضة ، فالولايات المتحدة الامريكية في تعاملها مع قضايا الشرق الاسلامي ، لها هدف واضح ورئيسي وهو الحفاظ على امن اسرائيل ، لذلك لم تتوانى عن استخدام كل الاساليب الغير مشروعه لتحقيق هذا الهدف ، ومن ذلك خططها في تمزيق الحزام المحيط بهذه الدويلة اللقيطة ، فكان مشروع داعش الذي يتغير اسمه بتغير الخطط وحسب ظروف الزمان والمكان ، ومدعوما بالفكر التكفيري ، المنتج عربيا واموال الدول السائره في فلك امريكا ومشروعها التدميري في المنطقة ، فمره طالبان ومرة القاعدة واخرى داعش ، والمراقب لايحتاج الى ادله كبيرة ليكتشف ان هذا المشروع هو مشروع امريكي بامتياز ، وان هذه العصابات المتنقلة في بلداننا لتخريبها ماهي الا احد اذرع منظومة الامن الامريكية تضرب بها اينما تتطلب الحاجة لذلك، وقد اغدقت عليه الاموال واشكال الدعم اللوجستي والعسكري ، بصورة مباشرة او غير مباشرة ، وهذه اصبحت من المسلمات الواضحة والمعروفة ، فاستخدمت داعش تارة لتمزيق سوريا ، وتارة في العراق ، واخرى في اليمن ولم يسلم من ذلك حتى اؤلائك العربات في هذا القطار الامريكي .
واليوم وبعد الانتصارات الكبيرة التي حققتها دول الممانعة والمقاومة على هذا المشروع ، وفشل امريكا ومن سار في فلكها في تحقيق اهدافها ، كثر حديث المتحدثين الامريكيين عن الانتصار على داعش ، والاشارة الى الدور الرئيسي للولايات المتحدة في القضاء عليه ، ونسبة تلك الانتصارات التي تحققت الى الجيش الامريكي ، ولكن الحقيقة هي غير ذلك تمام ، فالانتصارات انما تحققت هو بفضل تلك التضحيات الكبيرة التي حققها ابناء هذه البدان التي داهمتها قطعان داعش المدعومة امريكيا خليجيا ، وتاتي الاعلانات الامريكية للقضاء على داعش كمن يشرع في حصاد لمحصول لم يزرعه هو، ومن الحقائق الواضحة ان المشروع الداعشي اصبحت له مهام اخرى في المشروع والخطة الامريكية القادمة ليس الا وسيظهر ذلك جليا في القادم من الايام ، والاخبار المتواترة في نقل تلك العصابات الاجرامية من سوريا الى العراق ، انما يقع ضمن هذا الاطار ، وضمن الخطة المستقبلية التي رسمتها امريكا واذنابها للمنطقة ، وما تتطلبه تلك الخطة من تكتيك مختلف ، فامريكا لاتريد القضاء على داعش وانما ستلبسه ثوبا اخر بعد نزع ثيابه القديمة ، وفي كل الاحوال والظروف فان ابناء هذه البلدان بعد ان خبروا هذه الخطط وحفظوها عن ظهر قلب ، فلن تنطلي عليهم تلك الدسائس ، بعدما اكتسبوا خبرات عسكرية وسياسية جراء مواجهتهم لذلك المشروع الذي كاد يعصف ببلدانهم ويلتهما ، لولا تلك التضحيات الكبرى والمواقف العملاقة للشعوب في التصدي له ، وهم الان اكثر قوة وعزيمة واكثر وعيا لما يحاك من دسائس ، وسوف لن تكون نتائجها باحسن حالا من سابقاتها
https://telegram.me/buratha