المقالات

الثقة في التعملات الرسمية مرهم بقاء واستمرار الدولة


عزيز الإبراهيمي

 

الحديث عن مفهوم الثقة, وأهميته في مفاصل حياتنا المختلفة, خصوصا ونحن أمام عملية بناء من الأساس, وليس إصلاحات ترقيعية, فلابد من بناء ثقافة, وتطوير نظام, يعززان من ثقة المواطن بأخيه في الوطن, كما يعزز ثقته بالدولة والقانون.

الثقة هي التي تقود المواطنين إلى الدخول في شراكات من اجل تطوير أعمالهم الخاصة, وجني الأرباح الكبيرة, وبالتالي دفع القطاع الخاص إلى المساهمة في القطاعات الإنتاجية الكبيرة, وكسر احتكار القطاع العام لها.

 لكن هل إن ثقافتنا الشعبية تدفع بهذا الاتجاه؟ أم لازالت أفكار موروثة تسيطر على وعينا الاجتماعي, وتحول دون ذلك, أمثال (حقك بالأرباع ضاع)وغيرها, وهي نتاج لانعدام الثقة بين الأفراد.

إن وجود الثقة في المجتمع يدفع بالأفراد إلى زج طاقاتهم الشخصية في الجهود المشتركة, فيضاعف من أرباحهم, كما يستثمر تنوع تلك الطاقات من رؤوس أموال, إلى خبرات ومهارات وغيرها, وإذ نظرنا إلى أهم الشركات في العالم اليوم, نجد إنها شركات مساهمة, بمعنى وجود شراكة لمالكيها, وما ذلك إلا لأنهم طورا نظاما يعزز الثقة بين الشركاء, فأصبحت الثقة إلى حد ما خلق اجتماعي تقوم عليه كثير من المعاملات المنتجة, دون الحاجة إلى التثبت من الربح في كل خطوة يقوم بها الشركاء.

 هذا في الحقيقة لب الكثير من المعاملات الشرعية التي اقرها الإسلام, وحث عليها, كمضاربة في أعمال التجارة, والجعالة والإجارة في بقية الأعمالو والتي يكون عنصر الثقة عنصرا مهما في أصل وجودها.

الثقة بالقانون تشكل عنصرا محفزا في إدامة الأمن الاجتماعي, وازدهاره, فما ذكرته في المقدمة لا يشجع على التلاحم الاجتماعي, ومساعدة المحتاجين, إذ لابد أن يكون القانون بشكل يدفع المواطن إلى تقديم العون لأخيه, وإيجاد نظام من الحوافز لهذا الشأن, إضافة إلى الحوافز التي يأخذها الإنسان من منظومته الثقافية والتي عمادها الإسلام عندنا.

يصرح أمير المؤمنين عليه السلام بهذا الصدد : (ما حصل الأجر بمثل إغاثة الملهوف، وقال: أفضل المعروف إغاثة الملهوف) فلابد من تطوير القوانين, بالشكل الذي يجعل المواطن يثق بعدالتها, فتزداد همته في وجوه الخير, فيطيب العيش للفرد, والمجتمع, وان تكون إجراءات ملاحقة الجناة بعيدا عن النيل من ثقة المواطن بعدالة القوانين.

وليس بعيدا عما تقدم, لابد أن لا تمس إجراءات النزاهة بثقة الموظف والعامل في القطاع الحكومي, بما يتوجب عليه فعله, فتموت فيه روح المبادرة, والإبداع, ويبقى مترددا إزاء أي إجراء يقوم به, خوفا من سوط النزاهة التي تستقدم من شاءت, من خلال شكاوى على موقعها الالكتروني تسجل باسم (الصالح العام), وكم من أناس يتمتعون بأعلى درجات النزاهة تشوهت سمعتهم, نتيجة إبلاغات كاذبة ومأجورة !

إذن لابد أن تُكيف النزاهة إجراءاتها, بالشكل الذي يحفظ سمعة الموظف الحكومي وثقته بعدم المساس بها .

الثقة في الإجراءات الحكومية يعد محفزا كبيرا للتنمية, ويخلق اقبلاً لاستثمار رؤوس الأموال في القطاعات المختلفة, فكثيرا من الفلاحين اليوم يعزفون عن زراعة المحاصيل التي دأبوا على زراعتها, لأنهم لا يثقون بان الحكومة تقف إلى جانبهم, عند جني الثمار وتعمل على ضبط الحدود واستقرار الأسعار.

 نقل احد الفلاحين انه قد هجر مزرعة الطماطم, التي كان عمرا يزرع فيها, لان الحكومة عجزت عن جعل صندوق الطماطم(28 كيلوا) مستقر على سعر الخمسة آلاف دينار (والتي يقبل بها ويعدها مربحة ), أي انه يوافق على بيع الكيلو بـ 170 دينار تقريبا .

الخلاصة إننا بحاجة الى مجموعة من التشريعات, والإجراءات, وإشاعة أجواء ثقافية تعزز من الثقة المتبادلة بين المواطنين أنفسهم, وبينهم وبين النظام السياسي بصورة عامة, من اجل خلق مجتمع متماسك وقادر على التقدم والتنمية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك