المقالات

أحرقوه.. فأحرقوا قلبها..!  

2101 2019-03-05

احمد لعيبي

 

جلست امام صورته ..وفتحت ظفائرها المليئة بالبياض وهي في العشرين من العمر..قبلت خاتم الزواج الذي في يدها وتعطرت بعطره القديم الذي تضعه في اعلى درجها ولاح طيفه امامها وهو يقف سبع سنوات في الشارع الذي فيه بيتهم فلقد عرفت ارصفة ومطبات الطريق وجه مرتضى الذي كانت له كل احلامه وكان لها كل حياتها ..تلك الطفلة التي كبرت بغفلة من الزمن لتجد نفسها طالبة تعشق رجلا يعشق وطنا لايملك فيه شبرا..طفلة تعشق مرتضى صاحب النخوة والرجولة و(العاشق الصابر)كما يسميه رفاقه في الساتر..

اغرورقت عيونها بالدمع وهي تقرأ اول رسالة له (لن اتخلى عنك ولو تقطعت اوصالي قطعة قطعة ..)ويبدو انه تخلى عنها عندما تقطعت اوصاله في همر مفخخة في ازقة الموصل الموحشة ..

تذكرت عندما احتظنت روحه في آخر اجازة له عندما سقط الحلم من بطنها وعندما تبددت ثمرة الحب مثل زهرة في الخريف وسقط الطفل الذي كانت تنتظره ولكنه قال لها (لعل الله يريدني ان اكون طفلك المدلل كي لا انشغل عنك يا تؤام روحي ..انت كل شي في حياتي ..وانا طفلك المدلل الذي لايكبر) تذكرت كيف انهامسحت دمعها وبقية الالم في وجهها كي تعد حقيبة التحاقه للجبهة وكانت المعركة تبتدي بإعداد الحقيبة وتنتهي بحظن قد لا يعود بعده صاحب الحقيبة ..حضن ربما يكون بلا كفوف ولا اذرع ..كانت تصرخ في كل مرة بوجهه (لا تدع اهلي الذين رفضوك لانك مشروع شهيد ان يروا فقدك في وجهي ..لا تغادر روحي ولا مسامات يدي . هاك مشطك ومشط لي ظفائري واملأ بخطك دفاتري ..لا اريدك ان ترحل وتتركني مثل ساعة مهجورة على حائط الغرفة ..لا تتركني مثل راهبة في كنيسة مهجورة ..)

استشعرت عندما كان يمسح دمعها بكفه ويقبلها بين عينيها ويقول لها باغنية يعشقها ( اريدك بالحلم خطار..مر بيه عشك اخضر..واتيهن نجمه بسنينك ..وادور طيفك المامر..يا ريحة مسك يا هيل ..عذبني نسيم الليل )..كانت تضع يدها على شفتيه لانه يقول وادور طيفك ..كانت تراه حقيقة لا طيفا يسرقه الموت او الساتر ..كانت تراه قربها بروحه ..لا قرب علي في وادي السلام ...

كانت عند كل وداع تبكي وكان يضحك ..لكن ضحكته هذه المرة تشبه ضحكة راحل يعلم انه لن يعود..

لم يكن قلب تلك الانثى يؤلمها فحسب بل كانت روحها ايضا ..

جمعت قواها واستحضرت وداعه اخر مرة وهي حبيبته وشريكة حبه ومعينة دربه الى الموصل حيث ملك الموت ينتظر حبا ليأخذه ..ينتظر مجاهدآ يرفعه الى الله ..ينتظر حلم انثى وظفائرها وملابسها الملونه واوجاع قلبها وآلام روحها .

اوجاع حب يتيم محروم ..ماتت ثمرته التي كانت تنتظر النور في غفلة من الزمن ..

جاء الليل مثل سحابة شتوية في يوم عاصف ومر مزعجا مخيفا على قلبها..

كانت تخاف ان تفقده وهو معها وتخاف الان ان تفقده وهو في الساتر..

كان مرتضى نبيلا يشبه النخل ..لذلك كان يقف امام الساتر لا خلفه...كان يعشق الحسين حتى في موته اذ بقيت جثة مرتضى ثلاث ايام في العراء دون دفن بسبب حصار الدواعش..

لم تصل في صباح ذلك اليوم الرسالة المعتادة التي يرسلها كل صباح لحبيبته(صباح الخير يا شهقة روحي..انت الخير لكل صباح . انا بخير يا خيري)..

امسكت قلبها ودخلت لصفحته لترى صورته والتعليقات تقول ..منور يا بطل..الله يحفظك..كانت انفاسها تتسارع مع التعليقات ..ثم جاءت عبارة افقدتها صوابها..الله يرحمه الشهيد...

يالله الدنيا صارت سوداء والارض تدور وروحها صارت مثل دخان خيمة محترقة

قالوا لها انه مزاح ..لكنها احست بالفقد .

كانت شمس شباط متقلبه مثل مزاجها في ذلك اليوم ويبدو انها ستسرق معها مرتضى قبل ان ترحل ..

كان مرتضى في مهمة لجلب السلاح مع رفاقه في ازقة الموصل لكن السائق اخطأ فدخل في كمين للدواعش واذا بقناص يضع اطلاقته في رأس مرتضى ..

بقي مرتضى بالهمر ومن شدة انزعاج الدواعش من كمية السلاح ونوعيته داخل الهمر احرقوا الهمر ومرتضى بداخله ..واحرقوا قلب تلك الانثى التي كان تراه ابا وحبيبا وصديقا وزوجا..

لقد احترق مرتضى ليضيء سماء الوطن بروحه ..ليكون خيطا للشمس ..ليكون بسمة ودمعة ولوعة على وجه زوجته ..

ليكون آه مرسومة على وجه تلك الانثى التي وقفت بباب الدار تنتظر جثمانه الذي كان بلا كف ولا حضن ولا قبلات..

كان رجلا ورحل ..كان حبا بلا اذرع ..كان عهدا بلا حياة ..كان قربانا للسماء وحرزا في الارض..

الغريب انها لازالت للان تنظر للباب لعله يطرقه من جديد ..وتبحث بين ذراعيها عن حضنه الذي لم يات ولم يغب عنها..

لقد كبرت تلك الانثى واصبحت زوجة شهيد عندما يذكر امامها تشعر بتحية عسكرية ..

رحل وفي رحيله شاب شعرها وكبر عمرها وصارت سنوات فقدها عشرون سنه ولوعة وحسرة وفقد..

تقف امام قبره وتستشعره حي يكلمها ويسمع كلامها حتى انها شكت له ذات مرة كيف انه تركها بلا وريث يشبهه كما وعدها فامتلأت مسامعها بصراخ طفل ولوعة رجل ...وانطفأت الشمعة التي وضعتها على قبره..وتبقى دوما آثار كفه على ملامحها..تبقى ضحكته تملأ الزمان والمكان..

مثل مرتضى يرحل من اجل الوطن ..لكنه يبقى ندبة

في قلب كل من يعرفه ويحبه ويعيش معه..

مرتضى جاور المرتضى من اجل عراق ومقدسات المرتضى..!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك