علي الطويل
كثير من الممارسات الخاطئة التي دخلت مجتمعنا بعد سقوط النظام البائد ، بدات تترسخ كسلوك للعديد من طبقات المجتمع ، بل انها اصبحت مرضا اجتماعيا خطيرا يصعب التخلص منه ، لانها اخذت تتحول الى تقاليد وعندما تتحول الى تقاليد فالعلاج في هذه المرحلة لاينفع ، كالمرض العضوي عندما يستفحل عندها يكون البتر او الاستئصال هو العلاج ، فبعد سقوط النظام البائد زرع المسؤولون الفاسدون ممارسات بعيدة كل البعد عن قبم المجتمع العراقي ، الذي عرف عنه حبه للنظام واحترامه للقانون ، فهؤلاء من اجل استمرار مصالحهم كسروا التقاليد الحكومية وتجاوزوا القانون في بعض الاحيان ، من اجل كسب طبقات محددة انتخابيا ، الامر الذي بدا ياخذ ابعاد اخرى ويشجع على تجاوز القانون في موارد كثيرة ومتعددة ، فعندما يتجاوز شخص على اراض مملوكة للدولة ويعلم انه حين تأتي الانتخابات سيكون هناك تمليك لهذه الارض للمتجاوزين عليها ، فان ذلك ايذانا لتجاوز اخرى يحصل في مكان اخر وفي وقت اخر ، وعندما يترك الجندي بندقيته ويهرب من ارض المعركة وفي داخله يعلم انه سياتي عفو عن الهاربين والتاركين والمفسوخة عقودهم فانه ذلك تشجيع له على الاخلال بواجبه والاستهانه بكل قيم الجندية والضبط العسكري .
لقد فعل بعض المسؤولين السياسين كل مامن شانه الاضرار بهذا البلد وتخريب بنيانه الاجتماعي ، وتخريب التقاليد السياسية ، وخرقوا القانون في كثير من المواقع والمواضع لاجل مكاسب انتخابية انية او قصيرة ، فالحاكم عندما يكون ملتزما ومطبقا للقانون واكثر احتراما للتقاليد السياسية واكثر التزاما بالنظام العام ، فانه سيكون قدوة للناس او المحكومين ، والعكس صحيحا ايضا ، وان المسؤول عندما يقتطع الاقطاعات على المخالفين للنظام العام والمتجاوزين على والقانون ، انما اسس لخراب هذا البلد وساهم في بناء منظومة اخلاقية منافية للاعراف والقيم ، وساهم في بناء مشوه لتقاليد جديدة غريبة على هذا المجتمع، وعندما يحرم المجاهدون والمناضلون والمخلصون من الامتيازات والمكاسب ، لا لشيء سوى انهم ملتزمون دينيا واخلاقيا فان ذلك سيجعلهم في زاوية ضيقة ليصبحوا معزولين منبوذين في وجود هذا الكم الكبير من الفاسدين والمتطفلين ، ففي يومنا هذا نجد ان المخلصين والملتزمين قانونيا واخلاقيا هم الاكثر تضررا في هذا المجتمع ، والسبب ان الحكومات تكرم المتجاوز وتحرم الملتزم فاصبح كالقابض على الجمر .
ان مايحصل في العراق يحتاج الى ثورة اجتماعية سياسية دينية لتخليص هذا المجتمع مما زرع فيه من امراض، ولكل مسؤوليته من موقعه في العمل في هذا المسار ، وتصحيح السياسات الحكومية الخاطئة تاتي في المرتبة الاولى للعمل بهذا الاتجاه ، فاذا اردنا ان ناسس لحركة صحيحة ونافعة تنقذ المجتمع من هذه الانحدار ، فالحكومة والمسؤولين الحكوميين هم من ساهموا مساهمة فاعلة في التشجيع على التجاوزات ، لذلك يجب ان يكون الحراك الاول حكوميا ، وللمثقفين والاعلاميين والفنانين دور كبير ايضا في زرع الوعي القانوني ، وترسيخ الاعراف الصحيحة وقيم الالتزام بالنظام والقانون ، وياتي دور علماء الدين الملتزمين في مرتبة متقدمة ايضا للنهضة المطلوبة ، فقد ساهم الكثير من المحسوبين على علماء الدين التاسيس لاختراق النظام العام وخاصة في التجاوز على النظام العام ، لذلك فالدور للعلماء الملتزمين في التربية والتوعية الاجتماعية ، وهو واجب من الواجبات الدينية والوطنية في ان نسعى لتربية هذا المجتمع على الاتزام والانظباط وعدم تجاوز القانون
https://telegram.me/buratha