علي الطويل
في مثل هذه الايام وعندما كان البعض يرزم حقائبه للهرب ، كان هناك فتية حملوا قلوبهم على الاكف وهبوا لنصرة العراق، فما ان نطق لسان الخطيب بالفتوى للجهاد الكفائي حتى هب الاوفياء لتلبية نداء المرجعية التي قالت ان من يدافع عن وطنية فهو شهيد ، لقد علموا ان نتيجة هذا الجهاد هو الشهادة اي انهم اسرعوا وهم يعلمون ماهو المصير وماهي الخاتمة. هناك هدف اغلى من النفس واسمى من ان يتشبث الانسان بحياته لو اصابه المكروه والمحذور ، انه الوطن والمقدسات والارض والعرض، تلك الاهداف التي زهد بها المرجفون الفاسدون والخونه ، وضعها الشباب الملتزم المتدين في حدقات عيونهم واغمضوا عليها كي لاتدنسها قطعان الارهاب المتمثلة بداعش .
لقد كان يوم اصدار الفتوى المرجعية يوماتاريخيا عظيما شرحت به صدور المؤمنين وارعبت به قلوب الاعداء بعد ضنوا ان هدفهم قد اصبح قريب المنال وان خططهم قد بانت نتائجها بقضم العراق وتفكيك نسيجه وابتلاع ارضه ومياهه وخيراته، وبعد ان وصل الامر بالحكام والسياسيين الى ان ترتعد صدورهم خوفا وعجزا، تنفسوا الصعداء بهده الفتوى التي حولت مسار التاريخ باتجاه العزة والكرامة والرفعة لهذا البلد الجريح ولهذا الشعب الكريم بالفخر. لقد سطر رجال العراق الذين لبوا نداء المرجعية وتصدوا لداعش اروع مأثر البطولة التي لم يشهد لها التاريخ وسيسجلها باحرف من نور، فبعد انهيار كل شيء امام قطعان الارهاب المدججين بكل ماجادت به الصناعة الغربية من سلاح، وما اغدقته صناديق الفتنة من اموال الجوار اللئيمة، وما حملته عقولهم من غل وحقد وكراهية حتى حولتهم الى الات بشرية تحركها سوداوية العقيدة لتحطيم كل ماهو حي يقف امامهم يعارض هدفهم، جائت الفتوى بالشباب لتقف امام زحف هذه القطعان وتمرغهم ومن يقف ورائهم من قوى عالمية في تراب الصحراء وازقة المدن العراقية التي سيطروا عليها ، وتطرد من بقى من فلولهم خلف الحدود يهيمون على وجوههم لايعرفون اين مأواهم بعد تبرأ منهم الكثير ممن دعمهم.
تاسس الحشد بفتوى مقدسة وعمد وجوده بدماء شباب العراق التي ارتوت منها ارضه وتوزعت خارطتها في كل شبر من ارض العراق ، فاصبح وجود هذه القوة مرهون بوجود العراق والعكس ايضا صحيح ، وما ان انتهت صفحة الجهاد وبدات صفحة البناء حتى كان الحشد ملبيا كذلك ، فكانت ازمة السيول التي اجتاحت جنوب العراق وشماله شاهدا تاريخيا على فشل الادارات في مواجهتها وتوارى الفاشلون في حل مشكلتها ، هب الناجحون مجددا لنجدت المدن الغارقة فانتصروا كعادتهم اذا لايعرفون الفشل او الهزيمة ، لانهم يستمدون العزيمة من عقيدتهم ومما يؤمنون به.
وفي خضم هذه الانجازات وماسجلته اسطر التاريخ من فخر للحشد الشعبي ، ياتي من يغرد خارج السرب ليزهد بكل هذا السفر الخالد وينتقص ويستهين بهذا الانجازات فيطلب حل الحشد بدعوى ان مهمته قد انتهت ، ان هذا البعض الذي يسير في ركب الداعمين لداعش كان قد حجز مكان له في فنادق عمان عندما كان المجاهدون ينزفون الدماء للدفاع عن الوطن، فقد تعودنا منهم ان يرددون مايتلفظ به الناطق باسم الخارجية الامريكية ، ولكن لهؤلاء نقول ان وجود الحشد الشعبي لم يعد قضية مزاج لسياسيي الصدفة ، بل اصبح وجوده متجذر بعمق تاريخ هذا الشعب وحياته ووجوده مقرون بالعزة والكرامة لهذا البلد ، ومن يريد ان يحل الحشد عليه ان يجد بلد يأويه لان حل الحشد يعني حل العراق لقمة بيد الاعداء.
https://telegram.me/buratha