حلا الكناني
حاربت الساعات أيامها، وسارت عقارب الساعة عكس مدارها، وصارت شمس العلم تُحتضر ما بين هجير الجهل، وارتفاع حِمم الزيف، والكذب، وهُجر الكتاب، وأصبح يتسول على أبواب الطرقات، ويبتاع نفسه بأزهد الاثمان، وما وجد من يشتريه سوى من عفى عليه الزمان، وتهافت الناس على مأدبة فيها من الطعام ما لذّ، وطاب، وكلما ملئوا منها البطون، شعروا برغبة في المزيد، وما ادركوا أنما تلك المائدة ذات شبع قصير، وجوعٍ طويل.
(من جدّ وجد، ومن زرع حصد)، عرفنا ذلك منذ نعومة اظافرنا، وحفظنا ذلك كما أسماءنا، وكنا نعيش ذلك واقعاً حيّاً، وما ان صعد بنا سلّم التفوق الى أعلى القمة، حتى فوجئنا بوادٍ عميق غير ذي حياة يفصل بيننا، وبين احلامنا الشرعيّة، وصرنا بحاجة الى جسر يعبر بنا الى الضفة الاخرى من النجاح، فشُلّت حركتنا حينها، وظلنا عاكفين في أماكننا ننتظر بصيص الأمل دون جدوى، وبينما نحن على هذا الحال من اليأس، والعجز، واذا بمن تخلفوا عنّا كثيراً يصعدون بمصاعد كلمح البصر، أو هو أقرب، وما ان وصلوا القمة، كان بانتظارهم في الاعلى بساط الريح السحريّ الذي لا يتسع الا لهم، ويرفض ان يرتاده الغرباء عن نسيجه، فهم، وهو من نسيج واحد، ولا عجب ان يرفض ذلك الدخلاء.
وقفوا على الضفة الاخرى من النجاح ساخرين ،ومُكّنوا في البلاد شرّ تمكين، وصاروا يلّوحون لنا ان ألزموا اماكنكم حتى تشيب منكم الأجساد، وتمسكوا بفلسفتكم الكونفيشيوسية التي تصعّب كل شيء في الحياة، اما علمتم انما الحياة الا لعبة، ومن يجيد فن الخداع سيكون من الفائزين، ومن يلتزم المبادئ سيُقصى، ويكن من الخاسرين، وما التفوق الذي عُلمّتموه، ونشدتموه الا نسجٌ من خيال، وإن واقعنا يقول ان (من جدّ في الاحتيال وجد، ومن نصب على الناس حصد).
https://telegram.me/buratha
