علي الطويل
عندما اوغل صدام في دماء العراقيين في بداية التسعينات من القرن الماضي وما بعدها -اي بعد الانتفاضة الشعبانية - سمعنا من عقلاء القوم ان صدام ونظامه بدا يقترب من نهايته، وتاتي هذه النبوءة نتيجة خبرات متراكمة ودراسة معمقة لسنن التاريخ ومسيرة الطغات على مر العصور، وقد قلنا في مقال سابق ان سير الطغات تتشابه منذ العصور القديمة والى الان، ولاتختلف الا في الجغرافية .
ما انتهجه صدام الملعون وطغات الزمان يسير اليوم عليه نظام الى سعود، فما ان تضائل الحديث عن قضية خاشقجي التي اشعلت الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي في الحديث عنها وتناول حيثياتها ومرتكبيها وعلاقة ابن سلمان المباشرة بالقضية، حتى ارتكب هذا النظام الذليل مجزرة اخرى بحق ثلة طيبة من شيعة القطيف الابرياء، الذين لاذنب لهم الا انهم اصحاب عقيدة يبغضها نظامهم الجاهل، بحجة انهم شاركوا في تظاهرات للمطالبة بحقوق سلبها حكام السعودية منهم، وان كان هذا الامر صحيحا فليس جرما ان يطالب الناس بالحقوق السياسية والمدنية وحرية العبادة، فهي حقوق كفلها الشرع والقوانين العالمية لحقوق الانسان، واللوائح الدولية المتعلقة بهذه القضية.
ولكن الملفت في هذه القضية ان المدعين بحقوق الانسان ورافعي راية الحرية والديمقراطية، والذين اسقطوا انظمة قائمة لدول وحاربوا اخرى بحجة حماية حقوق الانسان، لم نسمع لهم تنديدا ولا استنكارا لا تلميحا ولا تصريحا، الامر الذي يكشف زيف هؤلاء وكذب اداعاءاتهم، بل ان ذلك مما يعد بان هذه الادعاءات السابقة انما كانت مجيرة لاغراضهم السياسية ومصالحهم الاستراتيجية، اذ انهم عندما يتعلق الامر بنظام ال سعود التابع لهم فان الامر يصبح مشروعا ولا شبهة عليه، فامريكا التي طالما توعدت وهددت الدول بالحرب والعقوبة بسبب قضية حقوق الانسان نراها اليوم تبرر لال سعود افعالهم المتدنية والمخجلة والتي تفتقد الى ابسط قيم الانسانية . ولعل ال 500 مئة مليار التي تقاضاها ترمب من ال سعود هي احد اسباب غض الطرف الامريكي والسكوت عما يجري.
ان ال سعود الذي بدات اركان نظامهم بالتخلخل والتصدع داخليا وخارجيا، انما يسير برجله الى النهاية عبر سفك هذه الدماء الطاهرة البريئة، فهذا النظام الذي قتل الابرياء من الاطفال والنساء والشيوخ بالطائرات والصواريخ والقنابل المحرمة دوليا فيحربه على اليمن ولذي عجز عن ايجاد مخرج لنهايتها، انما يثبت للعالم انه نظام يرى ان بقائه لايقوم الا بقتل المخالفين والمعارضين وان كانوا سلميين.
هذا من جهة، ومن جهة اخرى يثبت هذا النظام القتل والغدر هو عقيدة سياسية لديه فلا فرق ان كان المقتول ممن كان ضمن السائرين بالركب السعودي او من مخالفي النظام، فما ان جاء محمد بن سلمان الى ولاية عهد ابيه الخرف، حتى انتهج سياسة واضحة واطلق يده في الاسراف في هذا النهج فمرة يحجر اركان نظام ال سعود ويحبسهم، ومرة يرتكب قضية خاشقجي واخرى قتل الابرياء من شيعة القطيف في مجزرة بشعة تبقى لعناتها مادام الى سعود لهم ذكر على الالسن، لقد قربت هذه الحادثة البشعة النظام اكثر الى نهايته الحتمية، وذلك لان دماء الابرياء لها وقع كبير والوغول فيها ستكون نتائجها وبال على هذا النظام ووبال على بقائه واستمراره،
https://telegram.me/buratha