المقالات

هل في العراق أحزاب ؟1

1966 2019-08-05

قاسم العجرش

 

 

لأن مشاركة الجميع أمر حيوي في هذه المرحلة من البناء الوطني، ليس بدواعي الحصول الى المكاسب السياسية، وإن كان هذا مشروعا في بعض جوانبه، ولكن لكي يكون للجميع دور فاعل وليس إطار ديكوري.. لأن المرحلة التي يستثنى فيها مكون من مكونات شعبنا يمكن أن توصف بأنها مرحلة عرجاء، ولذا توصل الجميع الى محصلة مؤداها: أن التعددية السياسية هي محور هام في العملية الديمقراطية، وأن الحكومة المقبلة يجب ان تشارك فيها جميع المكونات، ولا يمكن ان تشكل مثل هذه الحكومة دون ان يشارك فيها الجميع، والمقصود بالجميع في هذه المرحلةليس المكونات الإجتماعية بل المكونات السياسية، ويذهب العقل مباشرة إلى الأحزاب كأطار معبرعن التكوين السياسي.

ولعلنا في كبد الحقيقة إذا إتفقنا أن هناك حزمة من الأسباب أدت الى تعقيد المشهد السياسي والوصول الى الحال الراهنة الخارجة عن المألوف..فلقد جرى تمييع التعددية الحزبية والسياسية بشكل عبثي، وتحولت السياسة الى طموحات إنتهازية لفئات تراهن على توظيف مستقبلنا لخدمة أغراضها الذاتية والفئوية، وجرى تكريس العبث بالثوابت الوطنية ومنها الدستور، في ظاهرة خلط للأوراق وإستهتار فج، وتراجع دور النخب المنتجة للأفكار لصالح أنصاف المتعلمين، مما ولد ضعف المبادرة السياسية وإنغلاق المتصدين للعمل السياسي على أنفسهم، وجرى عمل ممنهج لهدم القيم الوطنية والأخلاقية لصالح الفاسدين والمفسدين مما نتج إنحطاط في الخطاب السياسي وتهتك الممارسة السياسية، وتفاقمت ظاهرة الترحال السياسي بين الأحزاب والقوى السياسية، تلك الظاهرة التي تمرس عليها الإنتهازيون، دون تقيد بأي التزام فكري أو أيدجولوجي أو أخلاقي، وخلال هذا كله لم يتم التجاوب مع رغائب المواطنين، وسرعان ما جرى التنصل من الوعود التي قطعت لهم في الحملات الأنتخابية، ورافق ذلك عدم إحترام الساسة لمسؤولياتهم في المؤسسات الحكومية التي يعملون فيها حيث حولوها الى بساتين خاصة قطافها للأهل والأحباب وحسب!

لقد اصبح العبث من السمات المميزة للعمل السياسي في العراق بسبب ما تراكم منذ عدة سنوات من عمليات سياسية خارج نطاق المألوف، ورغم التغيير الحاصل في الخطابات الرسمية خلال السنوات الأخيرة، فإن العاهات التي أصيب بها المجتمع السياسي أصبحت مزمنة ومستعصية على العلاج. وكلما حلت مواعيد إستحقاقات سياسية تبرز بشكل أكثر وضوحا مظاهر العبث السياسي ،حيث يطغى الهدف الكمي على الأحزاب السياسية.

صحيحٌ أن تاريخنا الحديث شهد حركات معارضة اختلفت في الحجم والخطاب والأداء والممارسة والتأثير والتركيب الفكري والايديلوجي، لكنها ما استطاعت أن تتصالح مع المجتمع ككل ومع قواه الشعبية كجزءٍ من تكوينه، بل بقي خطابها يمتح من معين السلطة المرجعية ذاتها وظل وفيا لذات التطلعات التي كانت ترهن العقل السياسي للحركة الوطنية، وغدت هذه القوى المعارضة لا تختلف عنها في المنطق الداخلي للإدراك والتحليل، إلا في سعيها لاستبدال أهل الحكم وطبقته المتحالفة والقائدة بأهلها هي، أما ممارساتها وآليات عملها فقد كانت أشبه بعمل الأحزاب الشمولية الكليانية والإيديلوجية ذاتها، التي خرجت من أحضانها أو المتحالفة مع منطقها. هذا بالتأكيد، لا ينفي التضحيات ''النبيلة'' التي قدمتها هذه المعارضة خلال صراعها ضد قوى الاستئصال والهيمنة السلطوية، ولا يخفى حجم القمع والكبت والحصار الذي مورس عليها قيادات ونخبا وأدوات، ولا يغيّب سوء المقارنة أحياناً بين السلطة والمعارضة لجهة تشابه المنطق والخطاب، ذلك أن فساد السلطة واستشراءه في رجالاتها ونخبها المتنفذة لا يقارن مع التعفف الأخلاقي والعذرية المتطهرة التي ميّزت رجالات المعارضة ونخبها على اختلافهم في الأداء السياسي العام بالرغم مما شاب هذه الصورة من نتوءات.

واذا أردنا أن لا نطلق كلمة حزب جزافا على أى شلة أو مجموعة، لنتشبه بالدول المتطورة سياسياً ونقول أننا مثلنا مثلهم دولة راقية لها أحزاب سياسية عريقة، أو نتجاهل المضمون ونتمسك بالقشور ونسمي الطوائف او الجماعات الفارغة من محتوى أو المرتبطة بشخص حزبا، فأن ذلك سيقودنا الى خطأ فادح، ونكون اخطأنا و سمينا الأشياء بغير مسمياتها.

وكيف يمكن أن نسمى تشكلات تظهر وتختفي إبان الإنتخابات فقط، بالأحزاب وهم ليس لهم أى برنامج وطنى مكتوب، أو يتوفرون على نهج أو خطة سياسية اقتصادية لتطوير الوطن ؟

فعندما نطلق بجهل تعريف أو كلمة حزب على كم من الذين فاتهم قطار التعليم والوعي، فتتبع شخص ما، بالأضافة الي فئة قليلة من المتعلمين من نفس أسرته أو من أنسبائه، او من أنتهازيين لهم مصالح معه، ويظهرون كواجهة أنيقة ومتعلمة ولها فى المقابل الجاه والمناصب البراقة عندما يستولون على السلطة فهذا هو عين الخطأ .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك