عبد الحسين الظالمي
الحج فريضة كتبها الله على من استطاع حج البيت. استطاعة مادية واستطاعة بدنية واستطاعة قانونية، الحج رحلة تطهير للعبد من ذنوب الحياة واستعداد لما تبقى من ايام العمر، وهو عهد بين العبد وربة وتنظيم للعلاقة الروحية بين الخالق والمخلوق في اجواء روحية يتجرد فيها الحاج من كل المؤثرات المادية والنفسية والعائلية ليعود من هذه الرحلة كما خلقته امة اذا انجزها وفق شروطها وحاز على التوفيق الالهي والقبول.
بعد رحلة شاقة في الحياة ورحلة شاقة لأداء مناسك الحج وما يبذله الحاج من نفقات لاداء هذه الفريضة سواء لغرض الاداء او مقدمات اداء كل ذلك الغاية منه هو اداء فرض امر به الله سبحانه وتعالى ان توفرت الاستطاعة، هذا الفرض الذي يجعل الانسان يعيد النظر بكل افعالةً وتصرفاته ويعاهد الله على مسيرة مستقيمة لما ياتي من الايام.
ومع كل ذلك نرى البعض وأمام عينه يرى افعال وتصرفات منافية تماما لما عاهد الله علية، ومع اول خطوات الرجوع من الرحلة كان المفروض على كل حاج ان يضع لها خطوط مثلما وضع خطوط وشروط كمقدمة لبدء الرحلة كان علية ان يضع نفس الشروط على العودة .
ليس من المنطق ان يبدأ العودة في اول خطواتها بتصرفات تزاحم عامة الناس ليتحول الاستقبال الى حالة من الهرج والفوضى وقطع الطرق وكان المستقبل في زفة عرس لم ترعى فيها ابسط شروط الحشمة ومراعات حقوق الاخرين وخصوصا في الشوارع .
قد نعذر المتزوج ربما في حفلته او في الزفة وان كان ذلك مرفوض اذا خرج عن المألوف الذي يسبب الاذية للآخرين ولكن نقول معذور لكونه عرس وليس فيه عهد ولكن كيف نعذر من عاهد الله على ان لا يضايق عبدا ولا يؤذي بشرا ولا يظلم احدا، خصوصا وان في بعض الاماكن لم يكتفون بالفوضى بالشوارع بل يطلقون النار وبشكل كثيف في الهواء مع علم الجميع بحرمة ذلك بما فيهم الحاج نفسه ولابد ان يمنع ذلك في الريف كما هو في المدن .
والأكثر غرابة من ذلك هو الاسراف في الموائد التي تبقى عند البعض لمدة اسبوع كامل بدون ادنى مبرر ونصب السرادق في الشوارع والطرق .
كم تمنيت بل يمكن ان اقول في هذه الامنية تصبح اولى ان يحذوا الحاج وذويه حذو من يتبرع بنفقات الفاتحة ومراسيمها ( الاكل خصوصا ) الى الايتام والمحتاجين لان الفقيد اكثر حاجة لهذا العمل المبارك من حاجته للاكل والشرب الذي ينفق بدون اي مبرر ويحمل ذوي الفقيد هما الى همهم ، فكم جميل ورائع ان يتوج الحاج رحلته الايمانية بعطاء وإنفاق يعود بالنفع على من يحتاج ذلك ويكتفي الحاج باستقبال المهنئين بقضايا بسيطة من الضيافة وهو يعلم جيدا ان الاسراف والتبذير منافي تماما لما تعاهد به مع الله سبحانه وتعالى .
قد يقول قال هذا يتبع الامكانية والناس احرار في ما يملكون والرد بسيط جدا . الاسراف والتبذير ينطبق على صاحب الامكانية اكثر من غيره لان في ذلك نهي اولا وحق لله ثانيا وأذية للمحتاج ثالثا وعسر في الاستطاعة رابعا لان البعض ربما يمتلك اموال رحلة الحج ولكنه لا يمتلك نفقات الاستقبال مما يجعله عاجزا عن الاداء مع استطاعته شرعا لان الانفاق المكلف خارج عن قياس الاستطاعة ولكن العرف الاجتماعي يمنعه من عدم المسايرة في ذلك وهذا عرف لم ينزل به من سلطان .
فمتى نتقي الله ؟ ومتى نقدر الله حق قدره؟ لتكون اعمالنا مباركة وخالصة لوجه الله.
https://telegram.me/buratha