المقالات

العمل السياسي وثقافة القطيع..!

1562 2019-08-27

قاسم العجرش  qasim_200@yahoo.com

 

لدينا في موروثنا المعرفي؛ تركيز عال على قضية ثقافية جوهرية، ظاهرها الحث على التعاضد الأجتماعي، وبناء علاقات إنسانية؛ من خلال العمل الجماعي، وفي هذا الصدد؛ ثمة ما يُنسب الى رسولنا الأكرم، صلواته تعالى عليه وعلى آله وسلم، كـ"يد الله مع الجماعة، ومن شذ الى النار"، وفي الأمثال " الموت مع الجماعة رحمة" و" حط راسك بين الرؤوس وقول يا قطاع الروس" وغيرها من الأمثال العربية، التي فرضت على الفكر العربي؛ حتمية أن يلتزم الإنسان بتصرفات الجماعة، ويقلدها دون أي اعتراض، ووصف كل من يعترض على هذه الفكرة، بأنه "يغرد خارج السرب".

هذا السلوك الذي يلغي التفكير الفردي، ويصادر القناعات الشخصية، ويحاصر الحريات وينهي الرقي الإجتماعي، ويدعو الى مسايرة القطيع؛ يتبدى أوضح ما يكون؛ في المجتمعات "الجماعية" كمجتمعاتنا العربية، فنحن مرتبطون بالجماعة بكل وثيق، الى حد أننا نقبل بإلغاء ذواتنا، لأننا نتأثر بمن حولنا ونتأثر بآراء الأخرين، وإذا وجدنا المجتمع يرضى عن أمر ما، فإننا نستحسنه ونحوله الى مقدس.

السلوك مقدس، الأفراد مقدسون، القادة السياسيون مقدسون، الحكومة مقدسة، الدولة مقدسة، الجيش مقدس، الشرطي مقدس، الموظف الحكومي مقدس، الجامعة مقدسة، شجرة السدر مقدسة، الديك مقدس، كل شيء حولنا بات مقدسا، إلا المقدس الحقيقي الذي وحده يستحق القداسة، فقد تناسيناه عمدا لأننا نعتقد أنه بعيد، بعيد جدا في السماء المترامية، مع أنه جل في علاه يقول لنا" وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"!

صرنا محكومين بهذه القناعات؛ التي تجعلنا نقبل الموت أو النهايات التعيسة، لمجرد أننا جزء من المنظومة التي منحناها قداسة وهمية، وغالبا لا يفكر أي منا في مراجعة موقفه، والتثبت من مكانه في هذا القطيع!

لقد أستفاد الإرهاب؛ من هذه الخصلة السيئة في مجتمعنا، وتفشى بإستشراء وشراهة، الى حد أن مجتمعات كاملة في وطننا، يمكن أن نصفها بإنها مجتمعات "حاظنة" للإرهاب، إذا تعاطت تلك المجتمعات مع الإرهاب، على أنه ممثلها الشرعي المقدس، بمواجهة "الآخر" الذي هو باقي الشعب!

بالمقابل وفي ضفة العمل السياسي، نجد ثقافة القطيع أكثر تفشيا ووضوحا، وتتبدى في سلوك المنتمين، الى الجماعات السياسية بمختلف مسمياتها، وتتمظهر على أشدها مع الجماعات السياسية، التي يتزعمها رجل دين، فهو معصوم لا يخطيء أبدا، وإذا أخطأ فإن خطأه يجب أن يؤول إيجابيا، وإّذا تصرف تصرفا غريبا مستهجنا، فإنما تصرفه لمصلحة لا يعرفها مريديه، ولكن عليهم أن يعتقدوا أنها مصلحة شرعية مقدسة!

كلام قبل السلام: القرآن الكريم؛ تحدث عن سلوك القطيع مرارا وتكرارا، في قوله تعالى (وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)، (وَأَكثَرُهُمُ الفَاسِقُونَ)  (وَأَكثَرُهُم لاَ يَعقِلُونَ) (وَأَكثَرُهُمُ الكَافِرُونَ) (وَأَكثَرُهُم لِلحَقِّ كَارِهُونَ) (وَأَكثَرُهُم كَاذِبُونَ) (وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ)..!

سلام..

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك