المقالات

نحو مشروع عراقي لإعداد القادة..!


طيب العراقي

 

أفرزت تجربة الـ 16 عاما المنصرمة، من عمر العملية السياسية في العراق، عقما كبيرا في نوعية المتصدين لقيادة الدولة، إن في المستويات السيادية العليا، أو في المستويات التنفيذية والبرلمانية، فضلا عن الإدارات العليا، وبدت الصورة اليوم الى حد يتيح لنا بأن نصفها بالكارثية.

لعل العقم القيادي، وغياب القيادات البديلة، يعد من أهم المخاطر التي تهدد مستقبل مؤسساتنا ومجتمعنا، نعم ثمة أشخاص قادة بالفطرة، قد وضع الله فيهم صفات القيادة، من الحزم والصلابة والقوة، وسلامة العقل واللين والمرونة والثبات، والمقدرة على إتخاذ القرار المناسب بالوقت المناسب.

 لكن هذا النوع أعداد ما متوفر منه قليل جدا؛ بالنسبة لحاجات المجتمع المتنوعة، الفطرة والمواهب الذاتية وحدها، ليست كافية لتغطية جوانب القيادة كافة، ولأن يتبوأ الأشخاص الذين يتصفون بصفات القادة مهام القيادة.

 مهارات القيادة وليست صفاتها، يمكن أن تكتسب بالتدريب والتطوير المستمر، ومن نعم الخالق جل في علاه علينا، أنه منحنا القدرة على التغيير،(إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ).

التغيير إذاً منوط بنا كأفراد وكمجتمع، ونحن نستطيع تغيير أنفسنا، واكتساب المهارات اللازمة والناقصة لدينا لكي نصبح قادة، لأن الصفات الفطرية تحتاج إلى وجود المهارات، فضلا عن الحاجة المؤكدة لنطوير ما موجود منها.

انطلاقا من مفهوم الأمن الوطني الشامل، الذي يشمل المجالات كافة، وليس المفهوم الضيق للأمن الذي يتعلق بالسلامة، يمكننا أن نخلص الى القول؛ أن هنالك ضرورة دائمة لإعداد أجيال جديدة من القادة، ، تتمتع هذه الأجيال، بالمهارات القيادية المتقدمة، التي تواكب روح العصر، ويمكنها تغطية النقص الحاد بالقادة، الذي نعانيه في المجالات كافة.

أول خطوات إعداد القادة الجدد، هي أن يؤمن القادة الحاليين، أنهم قدموا ما أستطاعوا تقديمه، وأن ما قدموه لم يستطيع الإستجابة، لمتطلبات التفاعل مع المشكلات التي نواجهها، وأن الزمن يوشك أن يتجاوزهم، وأنهم بتمسكهم بآهاب المسؤولية، يكونون قدا أساءوا لتاريخهم فضلا عن الضرر الفادح بمستقبل البلاد، بمعنى أن لا يتحولون الى مشروع مضاد للمستقبل.

الخطوة التالية في مشروع إعداد القادة، هي أن نحدد مفهوم القيادة، ونعزله عن مفهوم الإدارة، حتى لا تختلط مفاهيم الإدارة المثقلة بالروتين، مع مفاهيم القيادة المتطلعة دوما، الى  التطبيقات العملية الوثابة، التي هي عرش القيادة، كون القيادة تعتبر من أهم المعايير والمرتكزات، التي تبنى عليها القرارات ومن ثم تقوم عليها الأمم.

الخطوة الثالثة هي أن ننحى نحو تأصيل مفهوم متكامل للقادة، وأن نجيب على سؤال مؤداه،

هل القادة يولدون أم يصنعون؟ أخطر أسطورة في علم القیادة ھي تلك التي تقول:"أن القادة یولدون أو أن في المسألة عامل وراثي" وفي الواقع فإن ھذا ھراء، والعكس ھو الصحیح؛ إذ أن القادة یصنعون.

لا يتم المضي نحو الخطوة الرابعة؛ إلا بالإيمان بتحمل المسؤولية المتدرجة، وأن نفصل بين معاني القيادة والزعامة والرئاسة، وأن نؤصل لهدف كبير، هو أن القيادة فرع من فروع الإمامة، ليس بمعنى الإمامة الديني والفقهي، بل أن الإمامة تعنى المستوى الأعلى من مستويات القيادة، والذي يجب أن يجعله نصب عينه كل معني بشأن القيادة.

الخطوة الرابعة في مشروع إعداد القادة، هي البناء الذي يتمثل بالتركيز على نقاط القوة المتوفرة، وشمولية مسارات تطوير قادة المؤسسات، وأن نحول مقاييس القيادة إلى أدوات تطوير، وأن نضع أسسا لكيفية إختيار معيار سليم، لمن نتوسم فيهم صفات القادة، من خلال التحفيز الذاتي، والمبادرة لاكتساب المهارات القيادية، كأدوات مساعدة يحتاجها القائد في شتى المجالات، وتفعيل مناخ تدريبي مميز لتنمية الذات والقدرات القيادية..

الخطوة الخامسة هي أن نؤمن بإستثمار الإنسان، وأن نبحث في أوساط الشباب الواعد، خاصة الذين وصلوا الى مراحل قيادية وسطى في مجال عملهم، ونشير الى أن اعداد القادة هو علم وفن ، والتدريب عليه في غاية الأهمية، كونه يعمل على تنمية القدرات واكساب المهارات القيادية للتطور والتنمية في المستقبل.

 مشروع اعداد القادة؛ يجب أن يكون ضمن استراتيجيات الدولة والمجتمع والفعاليات السياسية، للخروج برؤية موحدة على مستوى الوطن، لاستثمار قيادات الشباب ورعايتها وتنميتها، ليصبح لدينا مسار مستدام وشامل خاص باعداد القيادات.

ثمة أهمية قصوى لواجب الدولة في اعداد القيادات، للارتقاء بمستوى الاداء السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

ـــــــــــــــــــ

شكرا 6/9/2019

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك