محمد علي السلطاني
للوهلة الأولى قد يبدو للمتلقي أن الخوض في هذا الموضوع هو طرق في باب المحظور، وأن تصفح صفحات التأريخ هو نفخ في رماد ذاكرة الأحداث لأعادة اشعالها ، بقدر ما هو استحضار لحقائق طمس بعضها وزيف البعض الاخر لأهداف وغايات مقصودة ، وبذات الوقت هو بيان وحجة يلجأ إليها من وقع عليه الضرر بغية الاصناف ورفع الحيف ، ذلك الضرر الذي سيضاعف أن وقع تعقيدات المشهد ويزيد من حجم الخلافات التي سترثها الأجيال عاجلأ ام اجلأ .
انها جدلية العراق والكويت، تلك القضية التي سببت للعراق وللعراقيين كوارث وويلات لازالو يدفعون ثمنها غاليا حتى الساعة، ولازالت تشكل للكويت عاملأ من عوامل القلق والتوتر،
فلا الذاكرة الشعبية والسياسية للعراق استطاعت أن تتناسى هذا الجزئ المقتطع، ولا الكويت طوت صفحة حقدها على النظام المقبور، وأبدت حسن نواياها في مجمل تعاملاتها تجاه العراق الجديد، وبالتالي تساهم بشكل مباشر في نزع فتيل الأزمات التي اعتادت على صناعتها بهدوئ ، مستغلة الوضع السياسي الحرج وحالة عدم الاستقرار الذي مر به العراق ، تلك الأزمات التي تهدف بالدرجة الأساس، الى التطاول والتمدد على مزيدأ من الأراضي والمياه الاقليمية العراقية ، وضمها للكويت من غير وجة حق، مما ينتج عنه خنق العراق اقتصاديأ بغلق رئته الاقتصادية ، وقطع شريان الحياة بتعطيل موانئه البحرية بالكامل ، ومايسفر عنه من انعكاسات خطيرة تطال الأمن والسلم الاجتماعي في العراقي ، وهذا يجبرنا أن نتصفح قليلأ في صفحات الماضي القريب لنتقصي جذور هذه المسألة ونقف على الحقائق بحياد،
ففي ايام الخلافة العثمانية التي امتدت لمايقارب الخمسة قرون من نفوذ وسيطرة الدولة العثمانية على الأراضي العربية وغيرها ، ولنوقف عقارب الزمن في العام 1871 للميلاد ،إذ كان العراق حينها عبارة عن ثلاث ولايات ، ولاية بغداد وولايةالموصل وولاية البصرة، وكانت ولاية البصرة تضم ثلاثة اقضية هي قضاء القرنة وقضاء الفاو وقضاء الكويت، وبعدها وفي العام 1914 للميلاد جرت اتفاقية بين الدولة العثمانية وبرطانيا ، اقتطعت فيها الكويت ورسمت الحدود بين العراق والكويت ، هذا الإجراء الذي لم ينل موافقة ورضا العراقيين بشكل واسع وكبير ،
لتبدأ بعيد ذلك فصول من الازمات والتوترات والمطالبات ، اصبحت في ظلها المنطقه على شفير فوة بركان، مانفك من قذف حممه وتصاعد سحبه التي طالما غطت سماء المنطقه برائحة الحرب ودخان البارود .
فمنذ تأسيس الدولة العراقية في عشرينيات القرن الماضي، طالب ملك العراق فيصل الأول بضم الكويت للعراق، وبعد رحيلة وتولي الملك غازي عبر ايضأ عن رغبته وإصراره لأعادة الكويت عبر فتح إذاعة انشائها لهذا الغرض، واعداده لخطة عسكرية احال دون تنفيذها التدخل برطانيا المباشر ، ثم في العام 1935طالب وزير الدفاع العراقي جعفر العسكري بجزيرتي وربة وبوبيان باعتبارهما أراضي عراقية، ومن الجدير بالذكر ان المجلس التشريعي الكويتي، طالب في العام 1938 الحاق الكويت بالعراق، مما اضطر الامير في حينها الى حل ذلك المجلس،
وفي العام 1939 عقب تولي الوصي عبدالإله حكم العراق، استدعت وزارة الخارجيه العراقية السفير البرطاني في العراق ، لتبلغه رسميأ عزم العراق ضمه للكويت وانشاء ميناء خور عبدالله،
في العام 1958 ابان انتهاء العهد الماكي وقيام الجمهورية في العراق ، لم تختلف المطالبات عن سابقاتها ، حتى انتهى المطاف بقيام النظام المقبور في الزحف على الكويت، وماتلا هذه الفعلة من خسائر فادحة خسرها العراق لاتقدر بثمن .
إلا أن عراق مابعد 2003 يختلف بشكل جذري عن ماسبقة من حكومات، وبالنتيجة هو يختلف أيضا في التعاطي مع الواقع، سيما ملف الكويت البالغ الخطورة والحساسية ، إذ يراعي ويحترم القوانين والتشريعات الدوليه ومواثيق الأمم المتحدة ومعاهداتها ، ويسعى لفتح صفحة جديدة مع كل دول الجوار بمافيها الكويت ، شريطة احترام أمن وسيادة العراق وعدم التعدي على أرضه ومياهه الاقليميه، او أضرار البلد بمشاريع تؤدي الى شل عصب الحياة وتعطل مرافقة ومنشئاته الحيوية ومايخلفة ذلك من تهديد للأمن القومي والسلم الاجتماعي للعراق والمنطقة .
https://telegram.me/buratha