محمد علي السلطاني
تطرقنا في الحلقة الاولى بشكل مجمل عن بعض الأحداث والحقائق التاريخية المتعلقة بالعراق والكويت، ولاحظنا كيفية مطالبة الحكومات العراقية المتعاقبة ملكية كانت أو جمهورية بالكويت، مما جعل من هذا الموضوع مصدر قلق وتوتر دائم بين الجانبين، جر العراق والكويت والمنطقة الى حروب وويلات ادت الى خسائر واضرار جسيمة نالت الجميع لاسيما العراق، اذ لازالت فاتورة الديون تسدد من قوت العراقيين بسبب حماقات النظام المقبور وعنجهيته وحروبه العبثيه ، التي كان من المفترض على الكويت اطفائها كبادرة حسن نية للتخفيف من كاهل تلك الديون ، ومد يد العون من الاشقاء تجاة العراق وشعبه الجريح ، فعراق اليوم ليس كعراق الامس، أنه العراق الجديد عراق مابعد صدام الذي يسعى لتجاوز الازمات ونزع فتيل الفتن والتوترات بينه وبين كل دول الجوار بمافيها الكويت ، شريطة احترام سيادته وعدم التجاوز على حدوده ارضأ ومياه وسماء .
إلا أن معطيات الواقع تترجم عدم تصرف الكويت تجاه العراق بحسن نية ، لتفتح من خلالها صفحة جديدة من العلاقات القائمة على احترام سيادة العراق وعدم التعدي على حدوده، فالحقيقة تظهر أن الكويت يسعى مستخدمأ كافة الحيل والوسائل والامكانيات لأنتهاك تلك السيادة ،مستغلأ الظروف الصعبة والاستثنائية التي مر بها العراق أبان الحقبة البعثية الماضية ، فالكويت مستمرأ في مسلسل تكريس المظالم والانتهاكات ، فوق ما اسس له من تجاوزات بقرارات مجحفه استحصلها بحق العراق جراء حالة الضعف وفقدان السيادة التي مر بها البلد ،
بعد هذه المقدمة، نود تسليط الضوء بشئ من التفصيل على اتفاقية خور عبدالله السيئة الصيت، في البدء يعتبر خور عبدالله ممرأ ومنفذأ بحريأ عراقيأ منذ الازل، يبتداء من ميناء أم قصر صعودأ الى ميناء البصرة النفطي ، إذ يخضع هذا الممر البحري العراقي للسيادة العراقية، فالعراق هو المسؤول دوليأ عن حفر وتأثيث القناة البحريه لخور عبدالله، وهو وحده من يمتلك حق مخاطبة الادميراليه البحريه في برطانيا لتزويدها بأي تحديث يجري في القناة، وهو المسؤول عن تنظيم الملاحة البحرية في القناة ، إذ لاتوجد في الواقع ملاحة للسفن والبواخر الكويتية فيها، كون الكويت يمتلك ساحل يقرب طوله 500 كيلو متر ،بأطلالة خليجية ذات اعماق سحيقه ، هذه الفسحة الكبيرة مكنت الكويت من بناء موانئه بأريحيه مطلقه .
في العام 1991 وعقب احداث الغزو الصدامي للكويت، وضع العراق دوليأ تحت طائلة الفصل السابع ، وفقدت الحكومة البائدة سلطتها على معظم محافظات العراق بعد الانتفاضة الشعبانيه المباركة، وبذلك اصبحت سيادة دولة العراق منقوصة بل ومعدومة في كثير من المواطن ، وبطبيعة هذه الحالة الاستثنائية لم تعد للعراق سلطة تحمي حقوقه وتدافع عنها في المحافل الدولية ، مما عرض تلك الحقوق للأنتهاك والضياع، ولقد استغلت الكويت هذا الظرف استغلالأ اضر بالعراق وانتهك به سيادته على ارضه ومياهه الاقليميه، إذ تمكن الكويت من استحصال قرارأ من مجلس الأمن الدولي تحت الرقم 678 ، لترسيم الحدود بين العراق والكويت، وهو قرار مخالف لصلاحيات مجلس الأمن ويعد سابقة لامثيل لها، إذ ليس من صلاحيات مجلس الأمن الدولي ذي الطبيعة السياسية إصدار قرارات تخص ترسيم الحدود،
بعيد ذلك اردف مجلس الأمن قراره الاخر ذي الرقم 773 الذي عزز القرار السابق بشمول الترسيم الحدود البحرية..! ثم جاء قرار 833 سيئ الصيت الذي رسم خور عبدالله من الدعامة 162 بأتجاه عمق العراق، وكان الترسيم ترسيمأ صفريأ لم يعتمد على خط التالوك وهو الترسيم الدولي البحري الذي على اساسه تقسم الحدود البحرية والنهريه بين الدول،
وقد سجل أن ذاك رئيس الوزراء الاندنوسي اعتراضه وانسحابه من لجنه تخطيط الحدود التي كانت تحت رئاسته ،معتبرا ذلك تجاوزا على صلاحيات اللجنه وتجاوزا على الحدود العراقية .
كل هذا التخطيط الستراتيجي بعيد المدى الذي قام به الكويت وضغطه على مجلس الامن واستحصاله لتلك القرارات المخالفة لصلاحيات المجلس ، مهد الطريق وبشكل هادئ وتدريجي للوصول إلى خنق الاقتصاد العراقي عبر غلق منفذه التاريخي على الخليج، وبالتالي تعطيل وشل كامل لكل الموانئ العراقيه، من خلال تتويج تلك التجاوزات بأنشاء ميناء مبارك الكبير ،الذي يعد بمثابة الرمح الذي سيصيب الاقتصاد العراقي في مقتل .
فما هو هذا الميناء ؟ واين يقع ؟ وماهي اتفاقية خور عبدالله التي اضرت بالعراق وافقدته سيادته على ارضه ومياهه ،هذا ما سنتناوله في الحلقة القادمة
https://telegram.me/buratha