د. صادق الطرفي..
ان من اهم ابعاد الإدارة الناجحة لمؤسسات الدولة هي رؤية (Vision)، بجهد فريق عمل (Team Effort)، وفق نظام (System) ، إما التمسك بشخصنة الامور (الاعتقاد بفكرة الشخص الخارق الذي ينقذ الحال)، وان ما نمارسة اليوم على مستوى الرضا: عندما يذهب الناخبون الى صناديق الاقتراع لانتخاب مسؤول، او مستوى الرفض: عندما يذهب الناخبون الى التظاهرات ضده. في كلا الحالتين لم يتحقق الهدف المنشود، من الادارة الناجحة لمؤسسات الدولة ولن يتحقق.
للاسباب التالية:
1. عدم الايمان (كشعب + حكومة) بعلم الادارة (Management Science)، كعلم اول، خادم لكل العلوم الانسانية والتطبيقية التي تدرس في جامعاتنا، وهو سيدها. لان نجاح الطب بنجاح الادارة الصحية ، ونجاح الهندسة بنجاح الادارة الهندسية ونجاح الامن بنجاح الادارة الامنية وهكذا.
2. عدم الايمان بفكرة النظام (System) وانه هو الضامن لتقديم الخدمات وبشكل مستقر ومتنامي بعيداً عن شخصنة الانجازات وتَّأليه الافراد وتسيس المؤسسات. وما يترتب على هذا الايمان من احترام وتقديس النظام لقيمة نتائجه وثماره.
3. عدم امتلاك (كشعب + حكومة) الثقافة التنظيمية (Organizational Culture) وهي مجموعة من القيم والسلوكيات التي تسهم في بيئة اجتماعية ونفسية فريدة من نوعها داخل المؤسسات. وهذا العامل له نسبة كبيرة في نجاح النظام.
4. الضعف الواضح في إدخال التكنولوجيا (Use of Technology) في عمل المؤسسات، بحيث نجد صبي صغير في احد القرى يستخدم الهاتف الذكي والتواصل الاجتماعي مع افراد اخرين يبعدون عنه الالاف الكليومترات ويتبادل معهم الملفات والصور والافلام والمواقف اليومية، ومؤسسات الدولة التي بيدها المال والسلطة تشتغل لحد الان بادوات ما قبل عصر التكنولوجيا (كتابنا وكتابكم وصحة صدور وروح صور المستمسكات الاربعة).
5. الضعف الواضح في القدرة على بناء فريق العمل (To Build Teamwork) الكفوء والمتجانس والمتفاهم والذي يسعى لتحقيق هدف واحد. بعيداً عن الصراعات والتناحرات والعبثية وتشتيت الجهود.
6. إفتان الاغلب من الشعب العراقي بثقافةِ الأشخاصِ التي تحمل في طياتها تنافراً وتناقضاً كاملين مع معظمٍ معطيات علوم الإدارة الحديثة التي تحاول أن تأخذ من الأشخاص أعظم مزاياهم مع بقاء الغلبة لأُطر النظام وآلياته وتقنياته كما قال "الدكتور طارق حجي" : فالنظام في هذه الثقافات هو أساس التقدم والنجاح وليس بعض الأفراد (وإن عظمت مواهبهم) في بعضِ المواقعِ.
7. ألم يصل العراقييون اليوم الى مرحلة اليأس من الشخصنة (البدوية)، ويغسلوا أيديهم منها، والتي كلما اعادوا تجربتها انتجت نفس النتائج الوخيمة والكارثية، ولكن بوجوه جديدة (من النظام السابق الى النظام اللاحق) ، لينتقلوا الى عالم النظم وثقافته وأدبياته. وكما أوصى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : "أوصيكما وجميع ولدي و أهل بيتي ومن بلغهم كتابي هذا من المؤمنين بتقوى الله ونظم أمركم وصلاح ذات بينكم"
رحم الله العراق، وعلى العراقيين ان يرحموا أنفسهم وأهلهم حتى يستحقوا نزول الرحمة الإلهية المباركة.
https://telegram.me/buratha
