◾محمد صادق الهاشميّ
من يدقق في عمق الخطاب الذي نطقت به المرجعية اليوم، يجده يخطط الى المستقبل السياسي الشيعي في العراق وفق نظرية حفظ التشيع بنحوه العام وفي الإطار الكلي وربما المدني منه والتضحية بالسياسيين الاسلاميين , وهنا عدد من المقدمات نركز عليها تمهيدا الى تحديد رؤية المرجعية العليا عن الواقع السياسي المستقبلي , التي ينطلق منها المرجع ومن أسس متعددة :
منها : رؤيته الفقهية عن الإسلام السياسي.
ومنها : رؤيته عن طبيعة موقع العراق في قلب العالم العربي والاسلامي وما توجد من تجاذبات.
ومنها : الصراع الاقليمي والدولي القائم في العراق العلني منه والخفي.
ومنها : الظروف التي عليها العراق اليوم.
ومنها : مستقبل العراق والشيعة بنحو خاص .
لفهم نظرية السيد (( حفظ التشيع والتضحية بالاحزاب الاسلامية)) نحتاج الى مقدمات ركّز عليها المرجع الأعلى في خطبته وهي :
▪ المقدمة الاولى : أن المرجع حكم على جميع الاحزاب بانها فاسدة .
▪ المقدمة الثانية : طالب بقانون انتخابات ومفوضية تزيح الاحزاب القديمة عن الحكم.
▪المقدمة الثالثة: انه اعتبر كل ما قدمته الحكومة دون المستوى المطلوب، وان السقف الحقيقي لنجاح الحكومة ان تقدم الفاسدين الى القضاء وتفتح جميع الملفات بدون استثناء.
من هنا يمكن القول ان المرجعية تتجه الى مايلي:
⭕1- ان المرجعية تريد الحفاظ على حقوق الشيعة مقابل التضحية بالاسلاميين او كل الاحزاب الحاكمة .
⭕ 2- ان المرجع يدرك ان الاحزاب انتهت شعبيتها واحترقت ورقتها ولم تعد هذه الاحزاب ممثلة للشعب العراقي ولا حتى لبعض جمهورها ، فلابد من بديل بعد إخراجها من العملية السياسية ومنع وصول- تلك الاحزاب الاسلامية - الى الحكم من خلال تصميم قانون انتخابي يستبدلهم بقوم آخرين .
⭕ 3- المرجع لايريد ان يربط مستقبل الشيعة السياسي ومصالحهم بمجموعة الاحزاب السياسية الاسلامية كما هو قائم منذ عام 2005 الى الان , لعدم وجود مستند فقهي لديه على هذا الربط، سيما أن هذا الربط الذي رسخه الإسلاميون فقد مبرراته العملية بالتجربة , لذا فهو- المرجع - مصممٌ على فتح الابواب الى البديل , والمهم ان يكون شيعي فانه في باب التزاحم بين التضحية بمصالح الشيعة او بمصالح الاحزاب الاسلامية فانه من الطبيعي كما صرّحَ يترجح عنده الحفاظ على مصالح التشيع.
⭕ 4- المرجع يدرك ان التغيير قادم لامحالة وخصوصا بعد التقاطع الكبير بين الأحزاب الحاكمة والجمهور، وبعد الزخم الكبير للتدخل الدولي والاقليمي فلم يعد من المصلحة ان نربط مصلحة العراق وأمنه وشيعة العراق بأحزاب فشلت ورفضها بل ولفظها الجمهور، ولابد من التفكير بواقعية بعيدا عن المزايدات ولابد من تجنيب العراق الصدام والخلافات والصراع الامني .
⭕ 5- المرجعية تدرك أن بقاء الاسلاميين المرتبطين بإيران يشكل وجودهم سببا للصراع الاقليمي في العراق وهكذا الدولي؛ كونهم يحملون آيديولوجيات تجعل توجهات العراق وسياسته الخارجية متقاطعة مع محاور ومتفقة مع محاور اخرى، فلابد من ايصال المستقلين من الشيعة الى الحكم حتى يتقلص الصراع بتقلص التدخل وما ينتج عنه من صراع , وكأنما المرجع هنا يريد أن ينقل العراق الى نقطة حياد أو نقطة أكثر مرونة وتفهم وقدرة على تخفيف التوتر.
⭕ 6- ربما يعتقد المرجع ان هذا الحل الذي يقترحه في تشريع قانون يمنع عودة الاحزاب المشاركة في الحكم انه يمثل برأيه الحل لانهاء الضغط الخارجي لانهاء الحشد السياسي المشارك في الحكم كون القوى الخارجية تعتقد انهم يمثلون نفوذا ايرانيا في قلب العملية السياسية مما يعرض العراق الى ان يجعله بؤرة نزاع يمنع عليه الاستقرار .
⭕ 7- المرجعية ترى حجم الهجمة الكبيرة الغربية والامريكية والعربية (( الخليجية )) على الاحزاب الاسلامية وصادف انها منحت اعدائها الفرصة للطعن فيها لذا ترى المرجعية ان الحل في تصدي احزاب ووجوه جديدة قد تكون حيادية او قريبة نوعا ما من محور القوى الاقليمية والدولية الاخرى.
⭕ 8- المرجعية ترى ليس بالضرورة ان يكون الحكم في العراق من خلال الاسلاميين فضلا عن عدم ثبوت واقعية ومصداقية هذه الاحزاب لهذا المفهوم ((كما عبر في عدد من المناسبات الخاصة ))، وليس من المناسب بفعل كل ما يمر به العراق وما تعانيه تلك الاحزاب من فقدها الشعبية وتمزقها الداخلي والخلافات بينها ان تكون هي الوحيدة التي تمثل مصالح الشيعة .
⭕ 9- قد يرى المرجع ان المشروع الغربي والامريكي قرر اسقاط المنظومة السياسية الشيعية بما فيها الاحزاب والحكومة، والموسسة الدينية؛ لذا فهو يريد ان يضحي بالاحزاب الاسلامية لصالح الحفاظ على مكانة المرجعية ومصالح الشعب ويجعل الواقع السياسي تجري في مياه جديدة، ودماء جديدة تعيد للجسد الشيعي نوع من العافية من خلال اعتماد العناصر المهنية وعناصر الاستقلال فان الامكانات البشرية لا تختصر بالاسلاميين فقط .
⭕ 10- المرجعية تمكنت ان تفعل نظريتها الفقهية السياسية و مفادها :ان الحاكمية الى الامة وليس الى الفقيه او الاحزاب .
والجدير بالذكر هنا ان المرجعية هنا في كلامها اليوم لم تقترح او ترشد او تشير بقدر ما تصر على فرض هذا المنهج والسير بالشيعة في العراق الى خيارات اخرى وحاكميات أخرى، سواء كانت مدنية او غيرها , فالمهم لديها هو الملاك وهو حفظ حقوق الشيعة دستوريا ولا يدخل في جوهر مصالح وحكم التشيع في العراق ان يكون الحاكم اسلامي .
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha