محمد باقر القبانجي
يمر الانسان بمراحل وازمات عديدة سواء في حياته الشخصية او حياته العامة، الا ان ما يجب على كل انسان، هو تشخيص ومعرفة اسباب بروز تلك الازمات لمعالجتها، فالطبيب اذا اراد ان يعالج المريض يجب عليه ان يشخص السبب وبعد ذلك يداوي المريض، ويتم ذلك من خلال الفحص الدقيق والاسئلة التي يسأله اياها.
اليوم في وضعنا العراقي الراهن نواجه ازمة، وهي ايضا بحاجة الى الفحص الدقيق والاسئلة الكثيرة لعلاجها.
هذه الازمة عبارة عن مجاميع من المتظاهرين لا يثقون بالحكومة نتيجة سوء فعلها خلال ١٦ عاما، وبدأت التظاهرات بصورة سلمية مطالبين بحقوقهم المشروعة.
الا ان المسألة تطورت من المطالب المشروعة كاصلاح الحكومة والنظام والتعيينات الى مطالب غير مشروعة وغير دستورية كتغيير واسقاط النظام باساليب غير دينية وغير مدنية، هنا يجب على كل متظاهر ان يعي ويفهم ما الذي يحصل؟، وكيف ولماذا تغيرت المطالب؟
كما ان المتظاهرين بعد ان كان عدوهم داعش واسرائيل وامريكا والسعودية اصبح عدوهم اليوم ايران والحشد الشعبي اذ رفعت شعارات ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية (ايران برة برة...) التي دافعت عن العراق والعراقيين خلال ١٦ عاما بخلاف بعض دول الجوار التي وقفت بالضد من العراق، وكذا تم حرق قنصليتها وهو امر غير مقبول دستوريا ولا دوليا.
وهكذا الحشد الشعبي الذي قاتل الارهاب وداعش اليوم هو متهم آخر عندهم ويريدون محاكمته وهو يضرب ويسحق في مجاميع المتظاهرين.
وكذا نجد تدخلات الدول الاجنبية وقنواتهم الفضائية التي كانت في السنوات السابقة ضد الشعب، اليوم تقف وتعلن تاييدها التام للمتظاهرين السلميين وغير السلميين.
كل هذه التساؤلات والاشكاليات يجب ان تدور في ذهن كل متظاهر، كيف تغيرت الشعارات والمطالب؟ كيف اصبح صديقنا عدونا اليوم وعدونا صديقنا؟ كما انه على المتظاهرين ان يتسائلوا من يقودهم ومن يحدد لهم موعدا معينا ومكانا مشخصا لهم؟ هل هناك جهات دينية تقود المسيرة ام جهات غير دينية؟ هل هناك جهات داخلية ام جهات خارجية تقودهم؟
وفي الاجابة عن هذه التساؤلات يتبين من لديه الوعي السياسي او ما يسمى بالبصيرة السياسية ومن لم يكن له وعي سياسي وهو غافل عما يجري، فالاخير لا يميز ولا يشخص النتائج المترتبة على المطالب غير المشروعة كما انه لا يشخص من هو العدو ومن هو الصديق ولا يعلم من يقوده ويحركه وهو بخلاف من له وعي سياسي اذ يعرف الواقع ويعلم ان علاج الازمة العراقية المرجعية الدينية والدستور.
فعندما نرجع لخطب المرجعية الدينية نجد تركيزها على سلمية التظاهرات، لكن ما نجده اليوم هو خلاف رأي المرجعية، اذ نجد غلق المدارس والدوائر والتجاوز على الممتلكات العامة والخاصة، واليوم المتظاهرين هم مسؤولون عما يجري من التجاوزات على التعليم وغيره، وعليهم اما ان يوحدوا صفوفهم او ينسحبوا من الساحات لكي لا يكونو شركاء مع غير السلميين.
ومن الناحية الدستورية نجد ان الحكومة الحالية ورغم التظاهرات هي شرعية لا كما يتصورها البعض بان الحكومة فقدت شرعيتها، فشرعية الحكومة الحالية باقية إذ جاءت من الدستور وارادة الشعب، اما اذا كانت هنالك مجاميع لا تريد هذه الحكومة فعليها ان تتبع سبيلا دستوريا آخر، لا ان تقطع الطرق وتغلق المدارس والدوائر او ما شاكل بالتهديد، كما ان الجماهير التي لا تؤيد هذه الحكومة عليها ان تعلم ان هناك جماهيرا اخرى تؤيدها، فالحل هو الانتخابات وفقا للدستور.
اليوم وبعد مرور اكثر من شهر على الازمة العراقية ما على المتظاهرين الا ان يعرفو ما يجري حولهم ومن يقودهم ومن يمثلهم وما هي مطالبهم الثابتة وان يشخصوا من هو عدوهم ومن هو صديقهم.
كما اننا لا ننكر ايجابيات هذه التظاهرات والتي منها جعل الحكومة والاحزاب والكيانات السياسية تراجع ذاتها وتعالج اخطائها، وهذه هي فرصة ذهبية لهم كما اشار الامام السيستاني لمراجعة ذاتهم واعادة الثقة بينهم وبين المواطنين.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha