عامر ملا عيدي
كثر الحديث في هذه الأيام عن المكبسلين الذين ينزلون إلى الشوارع في مختلف محافظات العراق ليشاركوا في التظاهرات ويقوموا بأعمال منافية للأخلاق والقانون والأعراف الحميدة.. وقد شاهدت بنفسي هؤلاء وهم أعداد كبيرة لا يستهان بهم، كما لا تستطيع الحديث مع أي منهم لأنهم في عالم آخر نتيجة الخمر أو الأقراص المخدرة..
وقد شاهدت في بغداد بنفسي وعن طريق الفديوهات بقية المحافظات، ويتراوح عمر هؤلاء بين الثالثة عشر والخامسة والعشرين كحد متوسط... وأقول كل هؤلاء هم نتاج حروب منذ ولادتهم للآن. أضف إلى ذلك الإهمال الحكومي حيث التعليم منخفض الجودة وهناك من سرق أموال بناء المدارس وتشير إحصاءات وزارة التخطيط إلى وجود 2 مليون أمي مع وجود 4 ملايين لا يجيدون كتابة جملة عربية صحيحة، وتنخر فيهم البطالة وكذلك انتشار النت بشكل ملازم لهم، فهل نتوقع من جيل مهمل وليس هناك من يأويه في مراكز تأهيل أو مراكز شباب أو أي نوع ثقافة مع وجود وزارة ثقافة تأخذ ميزانية كبيرة، فهل هناك مجلات للأطفال أو برامج اثرائية وهل هناك مجلات للشباب أو مواقع كبيرة تجتذبهم.. لا شيء يجذبهم في العراق سوى الشارع والمقاهي والنت والعمل بأعمال وضيعة تعتمد على العضلات وتستنزف طاقتهم الشبابية وتعطل دور العقل فيهم.. ولا نستغرب أن تستقطبهم التيارات المنحرفة الدينية والسياسية كعوامل سهلة ورخيصة لتنفيذ أجندات ومشاريع تحاك ضد العراق.. إنهم يتجهون نحو اللاوعي في كل حركة حياتهم ويتحركون ضمن أماكن موبؤة..
فلا عجب أن نرى جيوشا منهم لا ترعوي عن فعل أي شيء نتيجة غياب الرعاية من قبل الدولة ونتيجة غيابهم عن الوعي بالمخدرات.. حين صدرت الفتوى بالجهاد الكفائي هرول 3 ملايين واكتفت السلطات ب 150 الف منهم استوعبهم الحشد الشعبي فكانوا وجها مشرقا للعراق وصمام أمان يرهب أعداء الله والوطن وتربوا ضمن أطر الجهاد والقيم والمرجعية.. فمن المسؤول؟! وكيف نتعامل مع جيل يصعد ويكبر وهو غائب عن الوعي وفاشل دراسيا..
هؤلاء ضحية الحروب والفاسدين والإهمال.. ونحتاج إلى برنامج وطني شامل للتنشئة والتأهيل الثقافي والمهني والصناعي لاستيعاب جيل عراقي خطير إذا استمر الإهمال.. بدلا من لعنهم علينا استيعابهم في مجالات التأهيل.. حتى منحة الطوارئ التي تقدم لهم سينفقونها على المخدرات.. بدلا من لعن الظلمة علينا إيقاد شمعة..
وقد علمنا وعرفنا كيف انهم صيد سهل ومطيع لأي يد تمد إليهم دون تمييز بدليل أنهم احرقوا مدنهم ومؤسساتهم ومدارسهم وعطلوا الحياة في الوطن.. فمن يضع خطة الاستيعاب والأحزاب منشغلة بالمفوضية والبرلمان والمحاصصة؛والمسؤولون سيتوجهون للنزاهة ومحاكمها أفواجا..
كل الشعوب تمر بمحن وكوارث وتحاك ضدها مؤامرات ولكنها تخرج منها عبر برامج واعية ضمن منظومات قيمها العقدية والتاريخية وتحافظ على الهوية الوطنية.. لابد من إعطاء النخب دورا في وضع البرنامج الاستيعابي والشروع بالتأهيل عبر مراكز التدريب المهني والصناعي والإداري مع حوافز تعطى لهم؛ والمؤسف أن الخريجين سيحسبون وينضمون إلى جيوش الكبسلة وان لم يكبسلوا..
اعداؤنا كثيرون وجيوشهم حاضرة بيننا فهل من رشيد؟! عامر ملا عيدي
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)