المقالات

ذو النفس الزكية شاهدا وشهيد

3168 2019-12-04

 

عمار الجادر


من أرض كوفان, حلقت حمامة الحرية, هاربة نحو فضاء العدالة الاجتماعية, لتشرح ظلم الجلاد الذي حجز شعبها بقفص الدكتاتورية, وعادت لتقتل الجلاد, وتخلص ما تبقى من كرامة إنسانية, ولكنها قتلت بظهر الكوفة, تلك هي نفس شهيد المحراب, ذو النفس الزكية.
لم يكن شهيد المحراب( قدست نفسه الزكية), مجرد شخصية دينية قائدة لمعارضة فقط, بل كان ذلك القائد, الذي شاهد بعين العقل, ما سيؤول اليه مستقبل الأمة, تحت وطأت حزب البعث الدموي, بينما كان الشعب يرفل بأحلامه البنفسجية, تحت شعارات لم يرى وجهها الحقيقي سوى القائد المحنك, فحمل على عاتقه, مجابهة ذلك الفكر الحمولي القناع ثعلبي المغزى, وواجه بذلك ظلم الحملان, التي خدعها برواز الثعلب, بحيث أصبح يقاد زعيم الحوزة آنذاك, وسط هتافات الشعب المتعالية بالخيانة لهم, ولكن آل الحكيم ورثوا الحكمة أصالة عن جدهم الحسن ( عليه السلام).
كان شهيد المحراب الخالد, أنموذجا للإيثار من أجل نجاة الأمة, فرغم ما شهدته عائلته العريقة, من جحود المجتمع العراقي, ومساندة الظالم في قمع تلك الأسرة العلمية المعطاء, كان سماحته مدافعا عن حقوق الإنسانية التي سلبها نظام البعث المجرم, و ذهابه للخارج كان هدفه الوحيد أن يزيح ذلك النظام, الذي وجد به مسبقا أنه نظام قمعي, وتخليص الشعب الذي ساهم في أخراجه من دياره عمدا, فكان شاهدا عينيا لدى الأمم المتحدة, متخذا سبيل الجهاد من أجل قضيته, غير مبالي بما يقال عنه, فعينه على تدويل قضية البعث والتحقيق بها.
ساهمت الوثائق التي جمعتها دماء الأحرار, تحت راية السيد( محمد باقر الحكيم) قدس سره, بشكل فعال في جعل المقاومة العراقية في الخارج مقاومة دولية, ومعترف بها, رغم أنوفهم, بالأدلة المصورة التي جمعتها همم الأبطال من قادة الحكيم, والتي هي مأساة تبين التأريخ النضالي ضد الدكتاتورية البعثية, فأصبح المجتمع الدولي مرغما على الاعتراف بانتهاكات حقوق الإنسان في العراق, وبفضل همم ذو النفس الزكية, أصبحت حلبجة وغيرها من الجرائم, وثائق دامغة لمن جلب الفكر البعثي آنذاك, ومخيم رفحاء الذي حاولوا بالمغريات المادية تغييبه, فصمد الرجال الذين لم يبارحوا أماكنها طاعة لشهيد المحراب الخالد, لذلك كانوا هدفا للدعاة بعد سقوط النظام الهدامي.
لقد كان شهيد المحراب الخالد, الخطر الذي يهدد قوى الظلام بسياسة محنكة, فكان سفير الحرية للأمة من خطر المخطط الصهيوأميريكي, فجاهد رغم التأريخ المجحف لسيرته المباركة, ورغم سهام من هاجر لإنقاذهم قبل الأعداء, فلن تستطع تلك السهام من ثنيه عن مشروعه, ليجسد بعزم سيرة جده الحسن ( عليه السلام), حتى أصبح الطغاة يرتعدون لذكر أسمه, فلما حقق هدفه عاد عودة الطائر الحنين لوطنه, وهو يعلم جيدا بأن لهذا النصر ثمنا كبيرا, لا يكون إلا بدماء نفس زكية, فامتدت يد الغدر اليه كما توقع, ولكنه زرع مشروعه بأخيه.
لم يكن شهيد المحراب الخالد, إلا مشروعا كان شاهدا على الظلم, ليصبح شهيدا بين أحضان جده, ويبرهن للعالم بأسره, ان رد الظلم لم يكن إلا شهادة بحق وشهادة بدم, فسلاما على أشلائك الطاهرة, وعاش الحسين ومات أبن الفاجرة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك