قراءة في كلام بلا سخارت
محمد صادق الهاشمي.
..........................
القت ممثلة الامم المتحدة جينين بلاسخارت كلمتها في مجلس الامن لتشرح ظروف العراق في ظل التظاهرات يوم الثلاثاء 3-12-2019 ومن يدقق في كلمتها يمكن ان يقسم كلمتها الى محاور
⭕المحور الاول : الشباب والتظاهرات
اعطت انطباعا للراي العام انها ثورة من الشباب؛ لتعمق لدى الراي العام الدولي حالة التعاطف معهم وحتى تعطي انطباع على فشل الحكومة في ان تكسب جيلها.
1- في الجزء الاول من كلمتها ركزت على ان الثورة يقودها الشباب البالغين من العمر (16) عاما؛ بسبب الاحباط وهذا الكلام من بلاسخارت تريد ان تشير به الى ان عمر التجربة السياسية وهو (16) عاما، والذي خسروا جيلهم؛ بسبب الفساد المتراكم كما تقول ((لقد تولت قيادة المظاهرات في البداية فئة الشباب على وجه الخصوص، معبرة عن مشاعر الإحباط من ضعف الآفاق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أمامها، وعن آمالها الكبيرة في تحقيق غدٍ أفضل، بعيداً عن الفساد والمصالح الحزبية وبعيداً عن التدخلات الأجنبية)).
2- اعطت صورة مرعبة عن الاحداث بقولها (( لكنهم- أي الشباب - يدفعون ثمناً لا يمكن تصوره في سعيهم لإسماع صوتهم، فمنذ مطلع تشرين الأول الماضي سقط ما يزيد عن 400 قتيل وأكثر من 19000 جريح)).
3- وصفت الجيل الذي نشاء في ظل هذه الاحزاب بانه متضرر ومحبط بقولها ((ودعوني أشدد على أن أية أمة ناجحة هي بحاجة إلى أن تحتضن بدفء إمكانيات شبابها، وتزداد أهمية هذا الأمر في العراق الذي يشكل الشباب نسبة كبيرة من سكانه)).
4- انها تصر على شرعية التظاهرات وسلميتها ونفت اعمال العنف عن المتظاهرين وحملته لطرف اخر ولانعلم من هو الطرف الاخر الذي تقصده، غاية ما في الامر انها نفت المسولية عن المتظاهرين لتبقي بلاسخارت صورة التظاهرات لدى الراي العام بانها سلمية وشرعية.
5- حملت الحكومة اعمال العنف من خلال استخدام الغاز وغيره ضد المتظاهرين ومن الطبيعي هنا تتجه هي ومن خلال كلمتها الى تهئية الراي العام الى ادانة الحكومة العراقية والاجهزة الامنية.
6- حاولت ان توكد ان الاحزاب والحكومة فاقدة للشرعية شعبيا من خلال التظاهرات ومن خلال المرجعية بقولها(( في لقائي مع سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي السيستاني، أبدى القلق من ان لا تكون لدى الجهات المعنية جدية كافية لتنفيذ أي إصلاح حقيقي. وأضاف بأنه "لا يمكن أن يستمر الحال على ما كان عليه قبل الاحتجاجات)).
7- حاولت ان تقول ان الشباب المتظاهربسبب اخطاء الاحزاب والحكومة بعد 2003 وليس بسبب عهد صدام بقولها ((إن عمر ابنها لا يتجاوز الستة عشر عاماً، بيد أن هذا زمن طويل جداً إذا كان المرء بانتظار أن: يفي القادة السياسيون بوعودهم.ليست لدى هؤلاء الشباب )).
⭕ ثانيا : وصف الواقع الداخلي للعراق ومستقبل الاحداث
............................
رسمت بلاسخارت صورة غامضة عن مستقبل العراق بقولها
1- ان العراق يتجه الى الانزلاق الخطير بقولها ((لقد خرجت الأحداث عن السيطرة منذ الليلة الأولى للمظاهرات بلجوء السلطات على الفور إلى القوة المفرطة)) .
2- انها تنفي كمراقبة دولية أي حل تقدمه الحكومة بقولها ((وعلى الرغم من إعلان الحكومة لحُزَمِ إصلاح مختلفة تعالج قضايا مثل الإسكان والبطالة والدعم المالي والتعليم، إلا أن تلك الإصلاحات ينظر إليها غالباً على أنها غير واقعية أو "ضئيلة جداً وفي وقت متأخر جدا)).
3- حملت الحكومة اعمال العنف بقولها (( فمن الذي يقوم بتحطيم القنوات الإعلامية؟ ومن الذي يطلق النار على المتظاهرين السلميين؟ ومن الذي يختطف النشطاء المدنيين؟ ومن هم هؤلاء الرجال الملثمون؟ والقناصة المجهولون؟ والجهات المسلحة غير المعروفة؟)).
4- ركزت على ادانة الحكومة والاجهزة الامنية بقولها (( ولكن الواقع المرير هو أن إطلاق النار بالذخيرة الحية لم يتوقف بعد، وأن الأسلحة غير المميتة، مثل قنابل الغاز المسيل للدموع، لا تزال تستخدم بطريقة غير سليمة مما يتسبب في إصابات مروعة أو الوفاة. كذلك، لا تزال هناك حالات اعتقال واحتجاز تتم بشكل غير قانوني مثلما تحدث أيضا حالات اختطاف وتهديد وترويع. وكمثال على ذلك، الأحداث التي جرت مؤخراً في الناصرية والنجف)).
5- وجهت دعوة الى مجلس الامن للتدخل في الشان العراقي بقولها (( أرغب (مرة أخرى) في التأكيد على الأهمية القصوى لتحقيق المساءلة التامة والعدالة على جميع المستويات)).
6- توجد اتهامات الى المقاومة والحشد واسمتهم القوى المحركة بقولها (( وثمة أمر آخر، سيدتي الرئيسة، يشكل مصدر قلق كبير، وهو الانتهاكات المنسوبة الى نفوذ القوى المحركة، في مُحاولة لاختطاف التظاهرات السلمية)).
7- تحاول ان تزج المقاومة والحشد في اعمال العنف وتحملهم المسولية بخبث واضح بان ايران هي من تحركهم الى الخطف والقتل لقولها ((إن أعمال العنف ذات الدوافع السياسية أو التي تقف خلفها عصابات أو الناجمة عن ولاءات خارجية تهدد بوضع العراق على مسار خطير، وتزرع الفوضى والتخبط، بما في ذلك فقدان مزيد من الأرواح وتدمير الممتلكات الخاصة والعامة)).
8- استخدمت كلمات مفادها ان الحكومة والاحزاب تقوم بموامرة ضد المتظاهرين بقولها (( إيجاد عذر لجميع أنواع المؤامرات لتبرير الحملات العنيفة لقمع التظاهرات السلمية)).
9- وصفت التظاهرات سلمية بالمقابل وصفت الحكومة بانها تستعمل العنف بقولها (( فإن الغالبية العظمى من المتظاهرين سلميون بشكل واضح؛ ففي كل يوم يسعى الرجال والنساء إلى حياة أفضل. ودعوني أؤكد هذه النقطة: إن المسؤولية الأساسية للدولة هي حماية شعبها)).
⭕ ثالثا : الحلول التي تقترحها والاسباب
..................
تضمنت الحلول دعوة منها الى تدخل دولي لاجراء اصلاحات محددة وبهذا ترسم صورة عن الخريطة السياسية التي يتبناها المجتمع الدولي في العراق
1- اقترحت اصلاحات انتخابية بقولها (( ادعوا الى انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية)) وكانما تشير الى ان الانتختابات السابقة لا مصداقية لها .
2- طالبت ب((انتخابات تتسم بالاستقلالية وعدم الانحياز وإحداث تغيير في النظام الانتخابي)).
3- طالبت بمحاسبة المسوليين بقولها ((إخضاع ممثليهم المنتخبين للمساءلة على النحو الواجب)).
4- طالبت بمعالجة الفساد بقولها ((وينبغي على الطبقة السياسية ان تكون القدوة، على سبيل المثال في الإفصاح عن ممتلكاتها بشكل علني وإلغاء ما يسمى بـ "مكاتبها الاقتصادية")).
5- طالبت باخضاع السياسيين الى المسائلة الدولية بقولها ((ويجب أن يكون مفهوماً أيضاً أنه دون المساءلة والعدالة الكاملتين – فربما سيكون من المستحيل إقناع الناس بأن القادة السياسيين يرغبون بصدق في العمل على اجراء إصلاحات جوهرية))
⭕رابعا : التقييم الاخير لها :
.............................
اختتمت بالتاكيد للمجتمع الدولي على النقاط التالية
1- وصفت القوى السياسية غير جادة واستشهدت بقول المرجع السيد السيستاني (( في لقائي مع سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي السيستاني، أبدى القلق من ان لا تكون لدى الجهات المعنية جدية كافية لتنفيذ أي إصلاح حقيقي. وأضاف بأنه "لا يمكن أن يستمر الحال على ما كان عليه قبل الاحتجاجات)).
2- وصفت الحكومة بانها لاتقدم حلول صادقة بقولها ((إنه لا يمكن حل الوضع عن طريق كسب الوقت من خلال اللجوء إلى حلول ترقيعية أو فرض تدابير قسرية: إن هذا النهج سوف لن يؤدي إلا إلى تأجيج الغضب الشعبي وانعدام الثقة.))
3- وصفت القوى السياسية بانها تبحث عن مصالحها بالقول (( السعي وراء المصالح الحزبية والتدخل أو قمع المتظاهرين السلميين بصورة وحشية)).
4- تركز بلاسخارت على ان التظاهرات لن تتوقف بقولها ((وفي الوقت نفسه، يبدو أن المتظاهرين مصممون على الاستمرار ما دامت مطالبهم لم تتحقق)) وقولها ((إنه لا يمكن حل الوضع عن طريق كسب الوقت من خلال اللجوء إلى حلول ترقيعية أو فرض تدابير قسرية: إن هذا النهج سوف لن يؤدي إلا إلى تأجيج الغضب الشعبي وانعدام الثقة)).