المقالات

مازال الشعب في ملعب الشعب..!


د. أكرم جلال

 

في منتصف عام 90 وأثناء تواجدي في بغداد اقترح بعض الأصدقاء الذهاب لملعب الشعب ومشاهدة مباراة لكرة القدم بين ناديي الزوراء والطلبة، استحسنت الفكرة خصوصاً وانا لم ازُر الملعب سابقاً٬ وفعلاً ذهبنا وجلسنا ننتظر صفّارة الحَكَم اذعانا ببداية المباراة.
لقد لفت انتبهاي شخصان كانا يجلسان بالقرب منا وقد تبادلا اطراف الحديث بصوت مرتفع وبطريقة فوضوية، حيث كان جلّ حديثهم حول حبّهم وتعلقهم بنادي الزوراء العراقي وبلاعبي نادي الزوراء، لم نأبه كثيراً بما يقولون فقد كان مشهد الملعب وهو مكتظ بالجماهير قد استوقفنا كثيراً.
صَفّر حَكَم المباراة معلناً بداية الشوط الأول، كانت هَجَمات نادي الطلبة تتوالی على الزوراء حتى جاء الهدف الاول للطلبة، عندها سمعت من هذين الشخصين ما لم أسمعه بحياتي!!
بدأ أحدهما بالإساءة والتجاسر على الذات الإلهية بطريقة مقرفة عجيبة، تعدی علی جبار السموات والارض بطريقة تُشعرك بأن هذا الشخص قد لا يكون من سُلالة البشر فاختياره للكلمات المسيئة والسوقية (الكفر) كان خارج حدود التصور والمعقول، تعجز الكلمات عن وصفها، يطلقها بصوت يتحدى بها الجميع، ادركت حينها أن غضب الله نازل علينا لا محال.
في هذه الأثناء بدأت هجمة مرتدة لنادي الزوراء، هجمة قد تُسفر عن هدف للزوراء!!! بدأ الشخص نفسه بالدعاء والتضرع الى الله، دعاء حزين مكروب وكلمات مختارات لا تخرج الا من فم عابد عاشق، رأيته وهو يرمق السماء متوسلاً لكن الهدف لم يأتي!!!
وكما توقعت عاد نادي الطلبة الكَرّة بالهجوم وعاد معها ذلك العابد المتوسل الى لغة الكُفر ولكن هذه المرة بتمادٍ وتحدّ وبلغة أشد وأعنف.
قررت الخروج وترك الملعب ونحن في النصف الساعة الاولى من الشوط الأول، فكانت هذه المرة الأولى والأخيرة لي في ملعب الشعب.
ليسَ من باب التّعميم فالأخيار كُثُر والعراق مصنعٌ للرجال، لكنه دَرْس بليغ ومشهد قد حُفِرَ في الذاكرة، نموذج للأزدواجية المفرطة في الشخصية العراقية، حب وكره، إيمان وكفر، ولاء وعداء، عفة وفساد، بكاء على الأيتام والسير خلف من سرقهم، بيوت من الصفيح وقصور من اموال السحت ووطن جريح، لا تدري من الغالب ومن المغلوب!! اليوم العراق هو العراق، وأشواط المباراة مازات مستمرة والحَكَم لمّا يُصفّر بعدُ بانتهاء المباراة، والشعب مازال في ملعب الشعب.
اليوم نبكي الحسين بحرقة وألم وغداً نسير على أفعال قتلة الأمام، نلعب ونرقص على جثث الأبرياء دون رادع أو حياء مُتَحدّين الدين والقِيَم والأعراف، فَمَن نَحن؟ ولمن ننتمي؟ ضاعت الهوية وضاع المُعتقد، ضاعت المباديء فضاعت معها البوصلة وضاع بعدها الإنسان.
بدأنا نرى الحقّ باطلاً والباطل حقاً، فهل هذا نذيرٌ ببداية النهاية؟
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك