د منال فنجان
فلسفة إدارة الدول تقوم على فرضية وجود مشروع ينم عن رؤية في عقلية صاحب المشروع تمثل الصورة النهائية المتصفة بالكمال والجمال النسبي للبلد المنشود بالاعتماد على الامكانيات المتاحة البشرية والطبيعية ورصد تلك الامكانيات لتنفيذ البرامج التنفيذية لتحقيق الغاية التي تستلزم تحقيق الحد الأدنى من مستلزمات القوة والنهوض والاستقرار
لتتحول هذه النتيجة التي جسدتها مؤسسات الدولة وتلمسها المواطن في تلك الدولة إلى الصورة الجميلة والتي يتمسك بها الشعب ويطمع بأن يطورها بالشكل الذي يخلق تراكما وتفاعلا ايجابيا يضمن الحد المعقول في مسك السلطة وتقوية الدولة وضمان ولاء الشعب وهذا ما نطلق عليه التخطيط الاستراتيجي
لذلك نرى ان دائما وابدا ان المغذي الأساسي للقيم الاجتماعية بكل قطاعاتها في الدول هي السلطة السياسية في ذلك البلد
باعتبار ان الجهة السياسية الماسكة بالسلطة هي من تملك المشروع الواضح والمعلوم والمرسوم والمخطط له استراتيجيا لضبط مدخلات ومخرجات الفكر الشعبي والارادة الجماهيرية والحركة الجماعية التي غالبا ما تتسم بغياب بعدم وضوحها لتزاحمها وتضاربها احيانا مصلحيا او فكريا وهذا ما تتطلبه اي نهضة اجتماعية وتنمية بشرية
وهذه المعادلة لاتقبل اطلاقا تبادر الأدوار وتلك تجارب الأمم الناجحة في التاريخ والحاضر المعاصر تشهد على ذلك
والمتتبع للشان العراقي يرى بأن المعادلة انعكست تماما حيث أن الجهات الحاكمة التي يفترض ان تكون المغذي للقيم الاجتماعية هي باتت تنتظر دفعات من من الشحنات الشعبية تجاه اي موقف من المواقف بغض النظر عن أهمية او أحقية او فوضوية او مزاجية تلك الشحنات
حتى باتت السلطة متسلطا عليها من جهات سياسية منافسة او معادية واخرى مصلحية ونفعية او جهات اجتماعية كقنوات اعلامية او مراكز بحثية
اوفنية او أدبية
وهكذا ضاعت البوصلة عندما فقد الماسك بالسلطة المشروع الواحد والمرسوم
فعبثية الحكم يقينا تؤدي إلى سلطة ممزقة وقرار ضعيف ودولة منهكة حيث يتقرب العدو ليضرب من العمق ويتسلط الفاسد والسارق ويتحول المجتمع لحاضنة كبيرة للأمراض الاجتماعية ما بين ناقم ومتطرف ومتسلق وانتهازي وفوضوي ولامنتمي
عندها تكون السلطة مكنت عدوها منها وخسرت محبيها وحلفاءها
هذه نتيجة عكس معادلة النظام المغذي للقيم اوصلتنا إلى ما نحن عليه الآن بحيث افشلهم اعداءهم وتحملوا السياسيين لوحدهم بامتياز ذلك الفشل
فإذا كان لجهات باغلبها منظمة حزبية وعملت مدة لا يستهان بها بالعمل السياسي وصلت لهذه النتيجة عندما لم تسلم لنظريات القيادة في مسك السلطة ووحدة المشروع ودقة التخطيط
فما الذي يمكن لنا أن نتخيله او نتوقعه من سقوط النظرية بالكامل
ليتحول الطرف الاجتماعي ذو الحراك الشعبي بكل توجهاته المختلفة وميوله ومستوياته العلمية والفكرية المتقاطعة من حيث المستوى واختلاف الامزجة والرغبات والمطالب وفوضوية الحركة بين منضبط وملتزم وبين منفلت ومخرب
وبين مؤيد بلا تمحيص لحد القداسة وبين مشكك ومتخوف وبين تدخل خارجي من دول عدة ونافذ بقوة
هنا علينا أن نقف جميعا ونفكر ماذا نريد للعراق فعلا بلا مطامع شخصية ولا رغبات وأماني ايا كانت خلفيتها
تاريخ العراق الذي لم تخل صفحاته من الدماء لن يكون أسوأ من الصورة التي يريد البعض ان يرسمها لنا على المستقبل القادم عندما يبررون القتل والسحل والتمثيل بالجثث وانتهاك الحرمات والتطاول على الممتلكات باي حجج وعندما يتوعدون لموظف او طالب او عندما يروجون للتدخل الخارجي سواء كان امميا او لدول
فالباحث عن وطن لا يجده الا بين اهله
المعادلة الصحيحة في بناء الدولة ومسك السلطة هي التي تخلق السياسي الناجح والمواطن الصالح والبلد المستقر
يارب وطني وشعبي بودائعك
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)