◾ محمد صادق الهاشمي
المقدمة : هذا هو فهمي الخاص لبيان المرجع وهو خاضع للنقاش والتعديل والقبول والاضافة المهم ان باب الحوار مهم في كلام المرجعية؛ لانضاج الروية المستقبلية لشعب العراق ونظامه السياسي ومعرفة الثابت والمتغير في روية المرجعية، في هذه المرحلة التي يراد فيها العبور السياسي، وكل المفاهيم الواردة هي لبيان راي المرجع وليس راينا الخاص ، وهنا عدد من النقاط :
.................
خطبة المرجعية يمكن تقسيمها الى ثلاثة محاور، وهي :
المحور الاول : تناولت الخطبة وصف اوضاع العراق وفيها اشار الى رفضه الاغتيالات والخطف والحرق والتخريب وتعطيل المدارس وغيره.
المحور الثاني: قدم المرجع الحلول ووضع اسس خريطة الطريق من وجهة نظره والذي تضمنت التكرار لما اشار اليه في خطبه السابقة، من تشريع قانون انتخابات وقانون مفوضية يسهم في اعادة ثقة المواطن بعمليته السياسية, حتى يساهم بنحو فاعل في الانتخابات القادمة.
وفي كلا المحورين لايوجد جديد فان المرجع قد اشار بوضوح الى هذه النقاط تكرارا ومرارا .
المحور الثالث : وتناول مواضيع لابد من الاشارة اليها وهي التي تشكل حجر الزاوية في روية المرجعية السياسية وهو طرح جديد لم يتعرض له السيد في بياناته منذ احداث التظاهرات الاخيرة وهي ترسم صورة النظام السياسي المستقبلي وخلاصته مايلي:
اولا ⭕: ان المرجعية تدعوا الى قانون انتخابات منصف يعيد ثقة الشعب العراقي بالعملية السياسية وفق التغييرات التي ((يطالب بها الشعب)), ومن يراجع كل بيانات المتظاهرين يجد هناك اصرار واضح على ترحيل الطبقة السياسية الحالية فالشعب في اغلب مطالبه السلمية نجد فيها جمع بين المطالب الخدمية والسياسية, وفي الجانب السياسي اعتبرالمرجع زوال الطبقة الحاكمة شرط اساس لاستقرار العراق ومغادرة الفقر والحرمان فهل يمكن ان نعتبر ان كلام المرجعية (( بتشريع قانون انتخابي يعمل على ارجاع ثقة الشعب بالعملية السياسية وفق التغييرات التي يطالب بها الشعب )) في واقعه تاييد لمطالب البعض من الجمهور في مجي طبقة سياسية جديدة وترحيل الطبقة السياسية الحالية ؟.
ثانيا⭕ : ومن نفس النص يتضح بنحو جدي ان السيد قد ترسخ لديه مفهوم الابقاء على اصل العملية السياسية من تداول سلمي للسلطة وفق الدستور , والانتخابات وبناء على المفهوم المدني (( الشعب مصدر السلطات)), ولكنه يعتقد ان سلامة العملية السياسية واستمرارها يتوجب ان تتصدى طبقة سياسية جديدة ويشير الى ان هذا مطلب شعبي.
ثالثا⭕ : قد يرد سوال من هو البديل للطبقة السياسية الحاكمة (( الاحزاب الاسلامية الشيعية )) في نظر المرجع وقد ورد هذا السوال كثيرا في الاعلام وفي مواقع التواصل الاجتماعي, وكتب فيه المثقفون والمفكرون وكتبنا فيه مقالا سابقا، يبدو* اليوم *ان المرجعية اوضحت رايها في البديل للاحزاب الاسلامية بقوله ((واذا تم اقرار قانون الانتخابات على الوجه المقبول ياتي الدور للنخب الفكرية والكفائات الوطنية )). وقال (( عليها تنظيم صفوفها للمشاركة في الانتخابات )).
تجدر الاشارة الى ان السيد لايقصد من النخب شريحة معينة او حزب او مجموعة تابعة له او لغيره وانما يقصد من النخب الفكرية والوطنية كل الشخصيات التي تمثل الشعب العراقي بدون قيد اوشرط باعتبار (( ان الشعب مصدر السلطات ))، وفق رويته الفقهية السياسية والتي اشار اليها في البيان اليوم بقوله ((وقد أشرنا في خطبة سابقة الى ان الشعب هو مصدر السلطات ومنه تستمد شرعيتها ـ كما ينص عليه الدستور ـ وعلى ذلك فان اقرب الطرق واسلمها للخروج من الازمة الراهنة وتفادي الذهاب الى المجهول او الفوضى او الاقتتال الداخلي ـ لا سمح الله ـ هو الرجوع الى الشعب بإجراء انتخابات مبكرة، بعد تشريع قانون منصف لها، وتشكيل مفوضية مستقلة لإجرائها، ووضع آلية مراقبة فاعلة على جميع مراحل عملها تسمح باستعادة الثقة بالعملية الانتخابية)).
وربما فهمي القاصر ينتهي الى ان السيد رسخ هنا مفهوم المواطنة وفق المنهج السياسي المدني فالمعيار هو ان يكون المرشح وطنيا كفوئا ولديه برنامج انتخابي قادر ان ينفذه وصادق في وعوده الى الامة فيما يرسم ويخطط ولديه القدرة والكفائة للتنفيذ. وربما يشير الى اهمية تعدد الدوائر الانتخابية.
رابعا ⭕: تابعت بيانات المرجع السيستاني منذ عام 2006 لم اجد ما ذكره اليوم من عبارة((الشعب مصدر السلطات ))، فهي تحمل الكثير من المفاهيم السياسية و الدستورية وترسم صورة النظام السياسي منذ زمن جان جاك روسوا وهوبز الذين كتبوا واتفقوا وتباينوا واختلفوا في تفسيرمفهوم (( الشعب مصدر السلطات ))، فذهب الاول الى المنهج الديمقراطي في كتابه (( العقد الاجتماعي )) والاخر اصر على الملكية في كتابه (( اللفياثان اي التنين )) واعتبر ان الشعب مصدر السلطات بما يخوله الى الملك ولا دور لهم بعده.
غاية ما يمكن ان يستفاد من بيان المرجع انه يخاطب امة العراق وهو يستحضر تاريخا مريرا من الدكتاتوريات والهيمنة والاستبداد والحروب الطائفية منها: اربعة قرون في العهد العثماني ثم احتلال بريطاني تخللته انقلابات وسقوط حكومات وصعود اخرى انتهت بالفاشية البعثية كلها كانت عهود غياب راي الامة في صناعة عمليتها السياسية بدستور تلتقي فيه مصالح الشعب العراقي نسبيا .
فالمرجع اليوم اشد اصرارا على ان يفعل دور الشعب في رسم مستقبله السياسي وان يكون واعيا مدركا؛ لاهمية دوره في صنع القرار، لكن من دون التفريط بالاسس الاولى للعملية السياسية واسسها الديمقراطية وركيزتها الدستور، وان يبقى الشعب مصدر السلطات من خلال الانتخابات، فان تم ترحيل طبقة سياسية فعلى الشعب ان يختار من يصلح له وفق نظرية الشعب مصدر السلطات , وهنا الباب مفتوحا للجميع وهو- المرجع - يقر ما يقره الشعب.
ــــــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha