نجاح محمد علي
ولو بلغ مابلغ !
رسائل بليغة لمن يعنيه الأمر وجهها الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق في مقابلته الأخيرة مع قناة الميادين ولعل أبرز مافيها رسائله عن الصراع الوجودي مع اسرائيل الكيان غير الشرعي الطامع في العراق والذي يراه عدوه الأول وليست ايران كما يشاع، وأن الخزعلي قالها بثقة تعكس إستعداد حركة عصائب أهل الحق لمواجهة المشروع الأمريكي الاسرائيلي في العراق والمنطقة ولو بلغ مابلغ ، وأكد بذلك أنه شخصياً وليس الحركة المجاهدة البطلة ، رقم صعب في معادلة الصراع الوجودي المباشر ليس مع الاٍرهاب الذي يمثله هذا المشروع بل أيضاً مع إسرائيل نفسها ، مشيراً الى نقطة في غاية الأهمية تغيب عن الكثير من العراقيين ويغفلونها حول طبيعة هذا الصراع وأن إسرائيل إنما تتدخل في العراق وتستهدفه وتطمع به، فلأنها تعتبره عدوها الأول لأسباب لها صلة بقراءاتها التوراتية.
صحيح أن الشيخ قيس الخزعلي أشار أيضاً الى أن من صلب أهداف المشروع الأمريكي الاسرائيلي هو إحداث إقتتال شيعي شيعي وتنفيذ اغتيالات لقيادات من عصائب اهل الحق وقيادات في سرايا السلام، إلا أنه وضع ذلك في إطار المشروع الاسرائيلي الطامع بالعراق مذكراً أن اسرائيل متورطة بالفعل في العراق من خلال استهدافها المتكرر للحشد الشعبي والمقاومة وقال : "بالتأكيد سيكون لدينا رد ومستعدون لمواجهته وأننا نعتقد بأن العراقيين سيكونون أول من يدخلون القدس لتحريرها" وهذا هو بيت القصيد، بل هي الرسالة الأبلغ التي يتعين على الكيان الصهيوني فهمها.
ماكان يعنيه الشيخ الخزعلي له صلة مباشرة بما تفكر به اسرائيل نفسها وهي التي تذكر دوماً بالكتاب المقدس "العهد القديم" لتوراة موسى و أن العراق أو بلد ما بين النهرين هو البلد الثاني الأكثر ذكراً في أحداث وتأريخ الكتاب المقدس ، فهو الأمة العظيمة التي تغطي أحداثها و ملوكها و حروبهم وقصص الأنبياء الذين سكنوا العراق الكثير من أسفار العهد القديم . نعم ... حسناً فعل الشيخ الخزعلي بهذه الإشارة المقتضبة الكلمات الغنية بالمعاني فالعراق له تأريخ كبير في العهد القديم أكثر من أي بلد آخر ، وقد ذكر بأسماء كثيرة مثل بابل – أرض شنعار – ما بين النهرين – ميزوبوتاميا – التي تعني بلاد ما بين النهرين ذات الجذور العميقة، وهو هدف لإسرائيل على الدوام .
لقد حرك كلام الشيخ الخزعلي المياه الراكدة في حقيقة الصراع الوجودي مع اسرائيل ودور العراق المفصلي فيه و في صفقة القرن والأهداف الأمريكية الاسرائيلية من وراء إثارة الاضطرابات التي كان هو شخصياً الزعيم السياسي الوحيد الذي نبه منها وحذر من تداعياتها حتى قبل اندلاع المظاهرات، ومن هنا فقد نبه سماحته مجدداً الى مخاطر المشروع الامريكي الصهيوني بشأن صفقة القرن و أن تنفيذها يعني تقسيم العراق بجره الى الفوضى.
قال سماحة الشيخ الخزعلي ما يجب قوله بشأن صفقة القرن ودور الرئيس العراقي برهم صالح في جر العراق الى الفوضى وقيامه بذلك بالنيابة عن أمريكا حينما شبهه بما كان يقوم به المبعوث الأميركي السابق بريت ماكغورك ، وكان سماحته يشير قطعاً الى أن المظاهرات (وفيها جانب مطلبي مشروع) إندلعت بعد أن أعلن العراق بشكل رسمي على لسان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي رفضه الإنضمام الى صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية، ورفضه تحويل العراق إلى منصة عداء لايران التي جعلت قضية فلسطين على رأس أولوياتها.
وكرر الشيخ الخزعلي عدة مرات التحذير من أهداف تهديد الرئيس برهم صالح بالاستقالة المتطابقة تماماً مع أهداف واشنطن في فرض رئيس وزراء يقبل بحل الحشد الشعبي ويلغي الاتفاقية مع الصين وينفذ صفقة القرن التي عرقل رفض السيد عادل عبد المهدي تنفيذها وهنا كان لزاماً على الولايات المتحدة تغييره بصدمة الفوضى التي تهدد بالتقسيم وبالتالي توطين الفلسطينيين في الإقليم السني.
وفي هذا السياق لَم يكن خافياً على العراقيين حكومة وشعباً وقوى سياسية أن منطقة الأنبار كانت تشهد منذ مدة، سلسلة تحركات تنبيء بنيّة الولايات المتحدة إعادة إحياء مشروع "الصحوات"، بدعوى مخاطر انبعاث تنظيم داعش الذي نقلت واشنطن نفسها قياداته الى أماكن أخرى بعد تحرير الأنبار والموصل وعلى مسمع ومرآى من الجميع . وقد تأكد للجميع أن تلك التحركات وشملت تسليح وتدريب شبان سنة في قاعدتي التنف(سوريا) وعين الأسد في الأنبار لتطبيق مشروع صفقة القرن التي لن يقبل بها العراق ولو بلغ ما بلغ ، ولهذا شدد سماحته بنبرة الواثق المنتصر على أن “المواجهة مع العدو الإسرائيلي مواجهة مؤجلة لكن سيأتي وقتها”.
ولكل مقام مقال !
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)