المقالات

قانون الانتخابات الجديد ...ووهم الانتصار


عزيز الإبراهيميي

 

ارتفعت مشاعر الغبطة لدى الكثيرين بعد اقرار قانون الانتخابات الاخير حتى بات الناس يتبادلون التهاني على وسائل التواصل معربين عن نصر كبير قد تحقق.
قبل الخوض في القانون ماله وما عليه علينا تذكر حكمة وردت عن السن دهاة حكموا العالم مفادها ان قمة السياسة ان تغلف ما تريده بما يطلبه الناس فتكون قد اعطيت للناس ماتريده وليس ما يطلبون .. الى حد ما هذا المعنى قد مارسته الاحزاب القائمة اليوم بعد اقرارها قانون الانتخابات الجديد فبعد مشاعر الناس التي وصلت حد العداء للاحزاب القائمة اصبح واضحا ان عودة هذه الاحزاب الى الحكم بنفس المسميات مع هذه المشاعر امر عسير فلا طريق امامهم للفوز بالانتخابات المقبلة الا مع الية اخرى اسموها الانتخاب الفردي والتي نادى بها الناس ايضا.
ان الانتخاب الفردي يوفر ميزتين كلاهما في صالح الاحزاب القائمة وهما:
الاول: انه يمنع من تشكيل احزاب جديدة منافسة تستفيد في قوتها وبريق انطلاقها من الدعم الشعبي للتظاهرات ومشاعر العداء للاحزاب المسؤولة عن سياسات الفشل والفساد, فولادة احزاب جديدة تأخذ زمام المبادرة وثقة الناخبين في الانتخابات المقبلة امر تخشاه الاحزاب القائمة حاليا, ولا طريق لقتل اي ولادة لحزب جديد قد تكون له شعبية كبيرة الا بقانون انتخاب فردي والذي لايشجع تشكيل الاحزاب الجديدة.
الثاني: ان الانتخاب الفردي ربما يضمن فوز بعض المستقلين الذين ليس لهم توجهات حزبية ولكن ليس لاحد الظن ان الاحزاب القائمة سوف تطرح مرشحين معروفين بميولهم الحزبية بل سيعمدون الى طرح مرشحين مستقلين باتفاقات مبطنة مقابل دعمه ماليا واعلاميا والاستفادة من النفوذ الحزبي في الدولة وتسخيره له, وبهذا فسيفقد المرشح المستقل الحقيقي ميزته في التنافس الانتخابي.
ما تقدم من اشكال قد يقال انه حله يكمن في الدوائر المتعددة في كل محافظة والتي اشار اليها القانون بتفصيل ياتي لاحقا, ففي كل دائرة انتخابية يمكن معرفة المرشحن المستقلين الحقيقيين بسهولة وبالتالي توجيه الناخب اليهم فلا نحتاج عندها الى ميزة القائمة الموجودة في القانون السابق ودورها في تجميع الاصوات, وهذا الامر على اجماله قد يبدوا حلا ولكن عن التدقيق في التفاصيل لايمكن اعتباره مساندا لفوز المستقلين لعدة نقاط من اهمها:
- ان التظاهرات لم تفرز قيادات ولا رموز مناطقيين يمكن ان يعرفهم الناس من الان حتى الانتخابات المقبلة فيسهل عندها تشخيصهم في حال رشحوا للانتخابات او دعموا مرشحا بعينه, ونظرا لذلك فكل يدعي الوصل بليلى في اوقات العملية الانتخابية
- ان تقسيم الدوائر الانتخابية اذا كان على اساس القضاء فان اغلب الاقضية في المحافظات هي اما ان تكون اكثر من مئة الف نسمة بكثير كما في مراكز المدن او اقل من ذلك فبالتالي اما تدمج مع الاقضية الصغيرة او تلحق بالكبيرة, وبهذا لا تكون الدائرة لمقعد نيابي واحد بل لاكثر ولو فرضنا جدلا ان هناك مرشح مستقل معروف في القضاء وناشط في الاحتجاجات, وحظي بثقة الناس فان الاصوات التي يحصل عليها بعد تخطيه العتبة الانتخابية سوف تذهب جفاءا ولايمكن الاستفادة منها بعكس ما لو كانت له قائمة انتخابية.
- لو فرضنا بعد الضغط ان الدوائر الانتخابية في القانون تكون على اساس الكثافة السكانية لكل مئة الف نسمة مقعد نيابي, فان هذا الاقتراح اضافة الى استحالته العملية في الظروف الراهنة لعدم وجود ادنى مسوحات احصائية؛ فانه يقترب الى التنظير بل الى العبثية من حيث التطبيق, فكل مرشح لايمكن ان يقول ان ناخبية ومريديه محصورين في منطقة محددة من القضاء الكبير الذي يعيش فيه بل ان الناس تتنقل بشكل مستمر وعلاقات المرشحين لاتقتصر في مناطقهم وحسب.
ان المروجين لمسالة الانتخاب على اساس الافراد قد ينظرون الى تجارب سابقة من صعود اشخاص لم ياتوا بارقام كبيرة ولكنهم استفادوا من اصوات قوائمهم, بخلاف افراد حصدوا ارقام اكبر ولكن قوائهم ضعيفة ولم تصل للعتبة الانتخابية فخسروا انتخابيا, والاستناد الى هذه النظرة اضافة الى كونها انانية فان فيها تضييع لمشروع الاصلاح الذي نادت به التظاهرات السلمية وفوات صياغته كتيار معبر عن نفسه انتخابيا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك