◾محمّد صادق الهاشميّ
إنّ الشّهادة كانت ولا زالت مصدر قوّتنا، وسرّ بقائنا، وسبب وعي وبصيرة اُمّتنا، قدّمنا في هذا الطّريق أحبّ رموزنا وأطهرهم من أئمّةٍ معصومين، وفقهاء مجتهدين، وقادة ميدانيّين، ومن عامّة المؤمنين.. فكان القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشّهادة، لا نرجو أن يكون العظيمان القياديّان الشّهيدان الحاج سليماني والأخ أبي مهدي المهندس، هم آخر من سار في هذا الدّرب الداميّ، وخاتمة قافلة الشّهداء الأبرار........ في طريق احقاق الحقّ ورسم الدرب في طريق الأحرار، فمتى متى كان الاغتيال والقتل سبباً لانتكاستنا أو تراجعنا، فتهدّد اُمّتُنا اليوم كيانَ العدوّ المستكبر الأمريكيّ والرجعيّ............... فقد خاب المستكبرون والرجعيّون من أصحاب العسكر والمال والنفط في زعمهم أنّهم قادرون على استئصالنا أو إضعافنا.. فإنّ لهم بالماضين لعبرة، ولقد كان الشّهداء بركة لنا في الدنيا، وكانت لشهادتهم بركات وبركات. فمن بركات شهادتهم:
(أوّلاً). صدمة أمريكية كبيرة من الموقف الموحّد للشعبين العراقيّ والإيرانيّ، وهكذا الحوزات العلميّة والمرجعيات العظمى، من تأبين وتشييع الشّهيدين المذكورين؛ لأنّ فراعنة العصر أدركوا أنّ مساحات التلاحم، واكتشفوا أنّهم فاشلون في تفكيك أواصر الأخوّة بين شعبين تربطهم عقيدة الإيمان بالله ورسوله وأئمّة أهل بيت العصمة والطّهارة .
(ثانياً). إنّ رأس الطغيان (أمريكا) مصدومة من توحّد موقف المجاهدين في قرارهم بإخراج القواعد الأمريكيّة، خصوصا أنّ هذا الموقف تمّت صياغته بموقف قانونيّ عبر البرلمان، ومن هنا تريد أمريكا أنْ تجعل هذا الموقف البرلمانيّ منطلقا لها لخلق فجوات بين الشّيعة والمكونين السنّي والكرديّ .
(ثالثاً). إنّ أمريكا مصدومة من قرار السيّد مقتدى الصّدر في انزال الجماهير إلى الشّارع ورفع مستوى المعنويات للشّعب العراقيّ وتعبئته الشّعب ضدّ الاحتلال الأمريكيّ , سيّما أنّ أمريكا تدرك مدى دور الإمام المرجع السيّد السيستاني وقوّته في الجماهير؛ لذا تشنّ اليوم عليه حملتها عن طريق الهابطين، لأنّها قد خسرت أيّما خسارةٍ، وهي تدرك الخطّ الأحمر الذي تجاوزته من خلال قنواتها وإعلامها وذيولها.
كما أنّها هاجمت السيّد مقتدى الصدر ، وهي تعرف تاريخ آل الصّدر، ومن هو الخطّ الصّدريّ ودوره في مقاومتها, فمنذ الصّدر الأوّل والثّاني وإلى اليوم يرفع هذا البيتُ لواء التّصدّي لمواجهة الاحتلال الأمريكيّ , وأنّ الشّعار الذي رفعه الشّهيد الصّدر الثّاني من على منبر الكوفة (كَلّا، كَلّا، أمريكا )، مازال راسخا.
واليوم أمريكا - ومن خلال المنحطّين والساقطين وحثالات المجتمع - تشنّ حملتها المسعورة ضدّ السيّد المقتدى الصّدر، فقد عبّأت قناة الشّرقية، ودجلة، والحرّة، وغيرها ضدّه، وهكذا الصّحف الخليجية، وكُلّ أدواتها الرّخيصة.
(رابعاً). إنّ أمريكا كلّفت وزير خارجية قطر، ثمّ وزير الخارجية الأردنيّ لحمل القرار العراقيّ على اللّين والتّراخيّ إلّا أنّها لم تجد من السيّد (عادل عبد المهدي) والمقاومة والجهات البرلمانية التي أصدرت القرار إلّا القوّة والثّبات على القرار, وأنّ يوم الجمعة القادم لمن يريد الحقيقة في هزيمة أمريكا في العراق قريب.
(خامسا). إنّ أمريكا فقدت كلّ الطّرق للتأثير على القرار العراقيّ بإخراج القوّات الأمريكيّة، فحاولت الضّغط من خلال البعض من السنّة والكُرد؛ لتوصيف القرار بأنّه قرارٌ شيعيّ، إلّا أنّ هذا لا يؤثّر في دستورية القرار, وفي جدّية التطبيق، وقد حال بين أمريكا وبين العراق ما فعله ترامب من سفك الدّماء وضرب الحشد الشّعبي، واغتيال القيادات وتجريم الآخرين ومطاردة الباقين، وتحريك عملائها لضرب الأمن والاستقرار, ممّا جعل الأمريكان يشعرون أنّهم خسروا الشّعب العراقيّ، وهم في وضع لا يمكن معه العودة إلى نقاط التّفاهم وهذا من اعظم ما أنتجته الدّماء الزّاكيات للشهداء .
(سادساً). إنّ مسعود البرزاني اليوم يتحدّثُ بخبثٍ؛ انتصاراً لأمريكا: بأنّ إيران هي من تحرّكهم، وأنّ هذا القرار ليس بصالح العراق، بل هو قرارٌ يصبّ في صالح إيران، ونفث من الخبث أكثر, فقال: إنّي تمكّنت من إقناع السيّد (عادل عبد المهدي) بأنْ يكيّف وجود القوّات الأمريكيّة، لا أنْ يرحّلها، وأنّ داعش على الأبواب ما لم نستعن بأمريكا. وقال: إنّه تلقّي دعوةً من أمريكا لزيارتها قريبا لبحث هذا الأمر.
وعليه فإنّ رئيس جمهورية العراق (برهم صالح) يلبّي المصالح الأمريكيّة في العراق لشلّ العملية السياسيّة، ومنع تكليف أيّ شخصٍ لرئاسة الوزراء من اي مؤمن بالعراق، وبنفس الوقت أوكلت أمريكا لمسعود دورا؛ ليمثّل الخارجية العراقية، وكلا الرّجلين يتبادلان الأدوار لخدمة أمريكا، وقريبا منهم البعضُ من السنّة، أي أنّ أمريكا بعد اليوم وربّما منذ 10 / 1/ 2020 م أفرغت القرار الشّيعي من محتواه، وأسندته إلى الكُرد والسنّة، أعني «برهم اللّاصالح، ومسعور البرزانيّ، والتعيس من آل حلبوس»، ووسّعت من غرف القرار في الخليج وأربيل .
كتبت في : 17 / 1 / 2020 م .
ــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha