حيدر الرماحي
من الطبيعي والمنطقي ان يتم الاستعداد للعدو مع اختلاف مسمياته، وتطوير ادوات المواجهة بحسب ما يمتلكه ذلك العدو، ويمكن ان نعبر عن هذه العملية بانها سنة واقعة يقتضيها العقل والمنطق والا لخضع الجميع لقوة محددة بعينها. ولا ينطبق هذا في نظرية الغابة لان فيها قوة كبرى وملك يسيطر على الجميع ففيها قد استسلم الجميع للقوي.
وفي توازن القوى لا تنطبق هذه القاعدة لان محاور التوازن فيها تمثل جبهات وهذه الجبهات والقوى المنفردة تستطيع ان تنمي قدرتها في مقابل الكفة الاقوى وهكذا الجبهة صاحبة الكفة الراجحة تجد على تنمية قوتها لادامة سيطرتها.
ونستطيع ان نعبر عن هذا التسابق لكسب القوة وفرض السيطرة بالعداء لان كل من هذه الاطراف يحاول بسط سيطرته واخضاع الجميع لقوته. ويمكن ان نشير الى ظاهرة سابق التسلح خصوصا بعد الثورة الصناعية التي عمدت الدول المتقدمة خاصة لاستثمارها في عامل تنمية قوتها.
ففي هذا الفرض فان اطرافا عديدة تسعى جاهدة لحماية نفسها والدفاع عنها ، وفرض مشروعها ومواجهة عدوها.
هذا هو بالضبط ما يريد ايضاحه هذا المقال.. من جانب بروز قوى مقاومة تجهد لبناء نفسها والدفاع عن مشروعها ومتبنياتها في مقابل كسر قرارات القوة السيدة.
فحينما تجعل امريكا عدوا لها وتعلن ذلك فما على عدوها الا خيارين:
الاول: ان يستسلم ويصافحها على فكرة المثل العربي الدارج(اليد التي لا تستطيع ليّها صافحها)، وهذا ما حدث بالفعل لكثير من الدول الاقليمية بالذات فضلا عن دول اخرى لها ثقلها في المجتمع الدولي، وهذا بدا جلي بعدما افرزت الصراعات نتائجا كسبت فيها امريكا الرهان حينها سعت العديد من الدول الى مدارات مصالحها واعتمدت على امريكا في كل شؤنها التي لا تعرف سوى سياسة الاستنزاف لطاقات وخيرات الدول التي تفرض قدرتها عليها وهذه سياسة معلنة من قبل الرئاسة الامريكية.
الخيار الثاني: هو العصيان، الا ان هذا القرار لا يمكن ان ياتي من فراغ وانما لابد ان يكون ناتجا عن قبول دفع ضريبة العصيان وايجاد بدائل والعمل على مواجهة العقوبات وبناء ذاتها وقوتها في مقابل القوة التي يعبر عنها بالعظمى.
ففي المبنى الثاني المشار له لا خيار للدول التي تعصي الا تطوير قابليتها وقوتها عسكريا واقتصاديا.
وهنا تبدا عملية بناء الذات، فحينما تقدم امريكا صاحبة القوة والسيطرة والنفوذ ومالكة القرار الدولي سياسة ما في المنطقة فان على ايران التي اعلنت عصايانها ورفضها لسياستها مواجهة هذه السياسة بطرق عديدة خصوصا بعد ان تبنت سياسة المقاومة وخصصت قدرا كبيرا من قدرتها واسست قوى داخلية وخارجية آمنت بسياساتها ومتبنياتها.
فلو افترضنا ان الولايات المتحدة لا تقدم على تبني سياسات لبسط سيطرتها في المنطقة فهل لايران ان تتبنى سياسة المقاومة؟ وهل لها ان تتبنى خيارات التصعيد؟ ام هل تلجأ لبناء تحالفات سياسية وعسكرية ضد المحور الامريكي؟
وفي هذا الفرض فاننا اذا وضعنا جوابنا لكل تساؤل من التساؤلات اعلاه فسنجد ان امريكا وسياساتها هي احد عوامل تنشيط المقاومة وتكاملها من حيث لا تشعر فهي من دون ان تقصد وفرت كماً هائلا ومساحة كبيرة للترويج لعدوها.
وهنا تاتي صفقة القرن المزعومة فانها مثلت حدثا نوعيا في المنطقة لتفّعل كل خطوط المقاومة في الساحة الاقليمية لتقف على اهبة الاستعداد وتضع يدها على الزناد فيما لو تقدمت خطوة على الارض، لايقاف هذا المشروع حتى وان تطلب الامر التعرض للمصالح الامريكية وفي عدة جبهات.
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)