حسين السكافي
كلمة لها في نفوسنا أكثر من وقعٍ و معنى ... من أيام الدراسة الإبتدائية وألسنتنا تلهج بكلمة ( جدول الضرب ) ... وكم من مرة ضُرِبنا بسببه .
سألت نفسي لماذا سُميَّ بـ ( جدول الضرب ) في حين هو نفسه في الإنكليزية يسمى ( Multiply ) أو ( Times Tables ) وما قارب ذلك في معظم اللغات الأوربية .
يبدو أننا ومن خلال الضرب الذي تعودناه في حياتنا ، لاسيما في مدارسنا ، حتى صار وسيلة للطاعة والتعلم بالإكراه . وانتقل الضرب الى الأرقام فصار ( جدول الضرب ) تُضرب فيه الأرقام كما نُضرب نحن للحصول على الجواب السريع .
وللضرب نصيبٌ في عالم ( النحو ) ، حيث ما زال زيد يضرب عمرا من زمن ( سيبويه ) ، («ضَرَبَ زيْدٌ عَمْرَاً» مثالا عَنْ رفع الفاعل ونصب المَفعول . ماذا يحصل لو كان المثال ، بعيداً عن الضرب ... وحتى ( الحُب ) ما تخلص من جدول الضرب ( ضَرْبُ الحبيب مثل أكل الزبيب ) ، واستمر مسلسل الضرب حتى أصبح ضرب عصفورٍ وديعٍ ، يُعد حكمة وشطارة : ( ضَربَ عصفورين بحجر واحد ) ، مات العصفوران ومازال الضرب حيّاً يُرزق ، حتى وصل الى آلات العزف والطرب : ( ضَرَب على الآلة الموسيقيَّة ، طرق وعزف عليها ) . بينما في الإنكليزية يُقولون مثلا : (Learn To Play Piano ) ... ولكون جذور الضرب ضاربة في أعماقنا ، صار الضرب حاضراً حتى في مناماتنا ، وانبرى له المفسرون ، كابن سيرين وغيره ليقولوا لنا : (ومن رأى في المنام ان سلطاناً يضربه بالخشب فسوف يقوم السلطان بكسوته ، فان ضربه على ظهره فسوف يقضي عنه دينه ، وان ضربه على عجزه فسوف يزوجه بامرأة ، وهذا يبدوا لتبييض وجه ( السلطان ) وإن ضَرَبنا .
وإلى اليوم يبقى السلطان والذين من حوله ، على رأس مسلسل ضرب ( الآخر المُختلَف معه ) وقد تطورت قساوة وسائل الضرب وآلياته .
ويقال للعمل المُتقَن ( ضربة معلم ) … هل ما يحصل في أيامنا من ضرب هو ( ضربة معلم ) أم … ؟؟؟!!!
ـــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)