المقالات

نحن والأوبئة القادمة


أ.د.عبدالعزيز المقالح

 

قاعدتنا في مواجهة المشكلات أن يكثر الصراخ ويقل العمل، وهذا ما يحدث تماماً عند الحديث عن انتشار وباء "كورونا"، حيث لا تزيد مواقفنا عن إثارة المخاوف ثم لا شيء بعد ذلك. وقد تكرر هذا الأسلوب حتى صار عادة متبعة تجاه كل ما يحدث.

وما يؤسف له أن المواجهة العملية تتأخر، أو لا تأتي على الإطلاق. ومن هنا ضاق الناس بكثرة الكلام واعتبروه نقصاً في كمال الإنسان وفي مواجهة ما يهمه من الأخطار الداهمة. قد قيل قديماً إن الإنسان العربي كان يواجه مشكلته بالعمل وحده، ثم صار بالقول وحده، ويخشى أن يأتي وقت لا يواجه فيه الإنسان مشكلاته لا بالعمل ولا بالقول، وكأنه يشير إلى هذا الوقت الذي لا قول فيه ولا عمل، نظرًا للسلبية المطلقة التي نواجه بها ما يستجد في حياتنا من مشكلات صغيرة أو كبيرة. فمتى يستيقظ الوعي الكامل فينا وتنطلق المواجهة الفعلية ونتحرر من سلبية المواقف؟ ذلك سؤال مطروح في حياتنا منذ وقت طويل، وهو لا ينتظر الجواب بقدر ما ينتظر الفعل.

وقد قيل كثيراً إن الوقت يمر وأن المشكلات تتوالى وتتزاحم إلى أن يأتي وقت أكثر سلبية من الذي نعيشه اليوم يكون معه البحث في هذه المشكلات ضرباً من المستحيل. وهذا يتجلى في مواجهتنا اليوم لوباء "الكورونا" الذي بات يهدد نصف الكرة الأرضية. والغريب أن العلم، وقد وصل درجة عالية من الإدراك للمخاطر واكتشاف اللقاحات المضادة للفيروس، يقف بالنسبة لنا حائراً وكأنه لم يبدأ طريقه بعد. وسنحاول قدر الإمكان أن لا نغلق الأبواب ونجعل المجابهة مستحيلة ونطلق باب الأمل ونجعله مفتوحاً فالإنسان بإرادته القوية قادرٌ على تحويل أوضاعه الراهنة من حال إلى حال، ولا ينقصه شيء غير العمل والعمل والعمل، أولاً وثانياً وثالثاً.

وها نحن نلاحظ كيف أن الشعوب المتقدمة لم تركن إلى ما وصلت إليه من قدرات على المواجهة، وأن تتوقف عند ذلك الحد، بل نراها تسعى إلى تطوير المقومات وعدم الاستسلام والثقة بمقدراتها على المواجهة، لذلك فالإنسان ينطلق من جهاد أصغر إلى جهاد أكبر، ويسعى إلى أن يتحرر مادياً من كل المؤثرات والسلبيات في حياته وحياة من يشاركونه وطنه.

ولهذا علينا أن نستمر في مقاومة كل ما من شأنه إعاقة خطواتنا نحو مواجهة المخاطر صحياً وثقافياً وفكرياً . وأملنا في النجاح كبير، والمهم –في هذا المجال- هو الخطوة الأولى التي لا بد أن تتلوها خطوات. وإذا كنا واثقين من صحة البداية، سنكون أكثر ثقة من صحة النهاية. ولابد من التأكيد على أن مقاومة أي وباء كان لا يتوقف على الجهود السياسية، وإنما على جهودنا جميعاً نحن المواطنون الذين سوف نتعرض لمعاناة الأمراض وما تتركه في حياتنا من قلق وخوف. ومهما تكون المعوقات، فإن إرادة الإنسان -كما سبقت الإشارة أيضاً- أقوى وأقدر على التحدي ومواجهة كل ما يستجد وينمو.

ومن الأقوال التي تتكرر عادة أن الأوبئة أكثر مقاومة من إرادة الإنسان، وذلك غير صحيح، فإرادة الإنسانية أقوى وأقدر على التحدي في كل الظروف والأحوال. هكذا تعلمنا وهكذا عرفنا من تجارب الحياة التي مررنا بها ومرت بنا، وما من قوة مهما كانت قادرة على تحدي إرادة الإنسان في عنفوانها واقتدارها، وفي تفوقها وتغلبها على ما يعترض طريقه من معوقات سبقت الإشارة إليها ، وتكررت أكثر من مرة أيضاً.

ـــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك