حازم أحمد
وزير الخارجية الأميركي (بومبيو) متمسك بضرورة توجيه ضربة عسكرية - قد تتضمن خطة انقلاب - لكن يقينًا تشمل أهدافًا مهمة في إيران والعراق وسورية، تعاطيًا مع اللوبي الصهيوني المتمثل بحزب الليكود بقيادة بنيامين نتنياهو صاحب أيديولوجية: (الصهيونية الجديدة).
الرئيس ترمب ضد هذا التوجّه حاليًا ولم يقبل به لأنه متورّط في ملف (كورونا) الذي ينتشر في الشعب الأميركي والجيش الأميركي والبنتاغون بجنون، وحاليًا البيت الأبيض يعيش خلافًا حادًا بسبب انقسام الرؤية في إدارة الصراع.
ترمب الآن أكثر تعقّلًا من بومبيو واللوبي الإسرائيلي، نعتقد أن السبب هو الإرتدادات العنيفة التي تلقّاها في العراق والداخل الأميركي من يوم قصف مواقع الحشد والفصائل على حدود القائم - العراقية السورية - ومن ثمَّ عملية الاغتيال التي نفذها ضد الحاج سليماني والحاج المنهدس وأصحابهما (رضوان الله عليهم أجمعين)
أميركا جادة بالتعاطي مع القرار الذي اتخذته: الجمهورية الإسلامية، ومحور المقاومة، ومجلس النواب العراقي، والشعب العراقي بوجوب رحيل القوات الأميركية من المِنطقة، وما نَشْر الأخبار عن إصابة مئات الجنود الأميركيين في القواعد العسكرية، والحاملات وسط المحيط، وآخرها (روزفلت) التي تحمل خمسة آلاف جندي التي عُدَّت موبوءة؛ إلا دلالة الجدية الأميركية بالرحيل؛ وهو عذرٌ مشروع لها يحفظ ماء وجهها في نظر العالم.
السياسة الأميركية (البنتاغون ووكالة المخابرات) لا تؤمن بنجاح أي عمل عسكري في العراق ولا في سورية ولا في إيران ولا في اليمن ولا في لبنان... هذه العقيدة يعلمها جيدًا عرّابو السياسة الأميركية بعد متغيرات عديدة حدثت منها: الحضور الروسي، والتعاظم والصعود في إمكانيات الجمهورية الإسلامية العسكرية والسياسية ومحور المقاومة في قلب هذا الصعود.
الأميركي قائد اللعبة وهو الطرف الخبير بها وصاحب المجسّات الدقيقة، أما بقية محوره فهم لا يفكرون بطريقته؛ بل يخضعون لضغوط الرغب والحقد والاستعجال نسبيًا، إسرائيل أحيانًا تتحرك من موقع الرّعب لكن ليس من موقع الحقد، أمّا السعودية تتحرك من موقع الحقد غالبًا.
لماذا هذا الإصرار من بومبيو وعصبته في البيت الأبيض، وما هي العلاقة بين إصراره هذا وبين عملية القصف الإسرائيلي من فوق الأراضي اللبنانية على مواقع سورية الآن؟
الموضوع كله كما كان ويكون دومًا، يتعلق بالمسألة المحورية وهي (أمن إسرائيل)
مخطَّط قصف مواقع عسكرية في قلب محور المقاومة وأحلام الإنقلاب في العراق هو مخطَّطٌ إسرائيلي سعودي لأجل أمن إسرائيل؛ لأنّه لا أحد يخبرنا إذا خرجت أميركا الآن - وهي خارجة - ماذا عن أمن إسرائيل؟ ماذا عن التفوق الحوثي والتصعيد الحوثي الجديد ضد السعودية؟ ما هو مصير المحور الأميركي؟
نحن لا نعلم يقينًا حتى الآن إنْ كانت أميركا ستُنفذ ضربة بهذا الحجم أم لا، ولا ندري قد تنفذها لكنها لا تقترب من إيران لأن إيران ترد الضربة فورًا فيدُها على الزِّناد؛ أو قد تكتفي أميركا بضربة صوريَّة في العراق؟
المسألة الأهم هي لا بد لأميركا - حسب سياستها مع إسرائيل - أن تُقدِّم شيئًا لكارثة وورطة اسمها (أمن إسرائيل)، قبل حضور (القائد كورونا) كان قطار التسويات يُنظِّم عرباته بدقة وتناغم ومن مظاهره: تخلي أميركا عن أكراد سورية، السماح لسورية وحلفائها بتحرير إدلب وتصفيةٌ سوريةٌ لجماعات أميركا، رفع اليد الأميركية عن حرب اليمن والسماح للإمارات بالانسحاب منها وآخر المعارك الأميركية هناك كانت (معركة ميناء الحُديدَة)، ومغازلة إماراتية للدولة السورية بدأت قبل أشهُرٍ من خلال إطلاق سجناء... لكن عندما حضر (القائد كورونا) غير هذه المعادلة بخصوص قطار التسوية وفرض أولويات جديدة تتعلق (بالسلامة الشخصية) وإلا فإنه يسحق كل من يتهاون بشأنه، أي: دخل عامل السرعة في حسم هذه الملفات ومن يملك الوقت ومن لا يملك الوقت؟
واضح جدًا أنّ صاحب الأرض (غرب آسيا)، والمقتدر بالميدان (محور المقاومة) هو الذي يستطيع أن يلعب بعامل الوقت، بخلاف الأميركي ومحوره!
بالنسبة لإسرائيل هل يستحق التصعيد الأميركي في المنطقة المجازفة والمغامرة وتوزيع الخسارة حسب الأدوار بين الأميركي والخليجي والصهيوني؛ لأجل (أمن إسرائيل)؟
يقينًا فإنّ إسرائيل تستقتل لأجل ذلك لكن مع فلسفة الحفاظ على مرحلة (عدم الذهاب إلى حرب مفتوحة).
الآن للقارئ الكريم أن يسأل نفسه هذا السؤال المحوري الذي أُسِّسَتْ لأجله حروب المِنطقة منذ النصف الثاني من القرن الماضي حتى الآن: (ماذا عن أمن إسرائيل)؟
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)