المقالات

ألواح طينية؛ تعرية العقل المتخلف..!

1453 2020-04-02

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

 

أجد أن من يتحدثون عن أن تغييرا كبيرا؛ سيحدث في زمن ما بعد كورونا على حق، فقد عرى هذا الفيروس الشرس؛ أوربا ودول الغرب، وكثير من الدول التي توصف بأنها متقدمة؛ وكشف أنها وبرغم واجهات الزجاج التي تغلف مبانيها، منخورة من الداخل بنيويا وقيميا، وأنها ستتحول في زمن ما بعد كورونا الى أطلال دول، وأن الصين وإيران ودول من آسيا، التي كانت الى زمن قريب جدا، توصف بأنها دول العالم الثالث، ستكون قائدة لعالم ما بعد كورونا!

ستزداد أعداد المؤمنين بالخالق بشكل لافت، وسينحني العلمانيون إجلالا لكائن صغير جدا، وربما سيكونون مضطرين لأن يتخذونه إلها، الليبراليون والشيوعيون؛ الذين عودوا أنفسهم هذه الأيام على النظر الى السماء، سينسون عقائدهم وسيخجلون منها؛ وسيشاركون مضطرين؛ بماراثون العودة الى قيم وأخلاق الفطرة الإنسانية السليمة.

ترامب شيطان العصر وقبيله سيختفون، وربما سيموتون مشيعين باللعنات، جيشه الجبار سيتفكك؛ لأن عالم ما بعد كورونا، لن يكون بحاجة الى جيوش، بل سيكون بحاجة الى علماء وباحثين وأطباء وعمال ومزارعين،  وستتقزم أمريكا الى دولة منكفئة على ذاتها، تلعق جراحها، محاولة بلا جدوى، إبقاء ولاياتها متحدة كما هي قبل كورونا!

عراقيا سيكون المشهد ألقادم؛ متنافرا بشكل حاد عن مشهد الأمس، فلا الطبقة السياسية التي أعتلت ظهورنا؛ في غفلة عن الزمن ستبقى، ولا أدعياء التحضر والمدنية وأتباع جيفارا، سيكون لهم دور في قادم الأيام، ولا أبواق التظليل الإعلامي؛ من مزوري الحقائق وماسحي الأكتاف والأحذية ولاعقي القصع، سيكون لهم مكان في عالم الحقائق المجردة القادم.

في العراق أيضا؛ سنرى حالا مختلفا لمنتحلي الوطنية، أولئك الذين صدعوا رؤوسنا قبل كورونا، لكنهم صمتوا صمت أهل القبور في زمن كورونا، لأنهم بالحقيقة لا يمتلكون شيئا يقدمونه وقت المحنة، ولأنهم تعودوا أن يأخذون لا أن يعطون، وسيسحقهم واقع جديد؛ يفرض على العراق سطوته قائلا؛ أن لا مكان للأدعياء من لصوص التاريخ وسراق الوطن..

في العراق أيضا؛ ستظهر مفاهيم جديدة للوطن والمواطن والمواطنة والوطنية، مختلفة بشكل كلي، عن المفاهيم التي زرقها في عقولنا؛ أنبياء القومية العربية، ساطع الحصري وأكرم الحوراني وحسنين هيكل وميشيل عفلق وأمثالهم، تلك المفاهيم التي  تعرف الوطن على أنه دولة وحدود جغرافيا، والمواطن مجرد "تابع" من"أتباع" تلك الدولة، والمواطنة ليسا لأكثر من بطاقة أحوال شخصية، نحصل بموجبها على حصة غذائية.

 أما الوطنية التي تعني بمفاهيم ما قبل كورونا، أن نموت في سبيل الوطن، فإن كورونا سيجبرنا على إعتناق مفهوم جديد لها، هو نقيض نافرا للمفهوم الغبي الذي ألفناه، وسنتبنى طائعين أو مرغمين، مفهوم أن نعيش من أجل الوطن، وسنضطر أن نغير كل تفاصيل حياتنا؛ بناءا على هذا المفهوم، الذي أكتشفنا عقلائيته متأخرين، حينما وجدنا بعضنا وبجهالة متعمدة، يأخذنا في زمن تفشي كورونا الى حتوف مجانية، ضاربا عرض الحائط؛ قوله تعالى (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ).

حتى علاقتنا بالخالق جل في علاه؛ ستعود الى جذرها الأصلي، إذ سيكون لحياة ما بعد كورونا، معنى وطعم مختلف تماما عما قبلها، وسيكون العيش من أجل الله تعالى خيارنا الأول، أما الموت في سبيله تباركت آلاؤه، فسيكون تحصيل حاصل؛ لمن يحبون الحياة من أجل من خلقهم!

كلام قبل السلام: نسقط تارة ونقف تارة أخرى، لكن كورونا ستساعدنا، في مهمة تعرية العقل المتخلف، وما لم يُدرك بالعمل القليل..يدرك بالكثير.

سلام...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
حيدر : انا لله وانا اليه راجعون يعني منين نبدي هو انتو سامعين بشي اسمه نقابة معلمين او فد ...
الموضوع :
السوداني يستقبل وفد نقابة المعلمين ويشيد بدور الملاكات التربوية وجهودها في العملية التعليمية
Hussain Hamza : سبحان الله انقل السحر على الساحر!! لماذا تدعمون إسرائيل ضد العرب؟ وضد غزة؟ هل لكم الحق في ...
الموضوع :
ردا الى تصريحات ترامب :: الناتو : الدول الأعضاء متمسكة بمبدأ الدفاع عن بعضها البعض
علي عباس مراد : اني احد منتسبي الشرطة الاتحادية المفسوخ عقدة من جراء الاصابة بعبوة ناسفة والمرض ولم استلم اي تعويض ...
الموضوع :
دائرة شؤون المواطنين في الأمانة العامة لمجلس الوزراء تستقبل شكاوى المواطنين عبر موقعها الإلكتروني
فيسبوك