ضحى الخالدي ||
ان الحراك الشبابي الجديد لفئة من الشباب الواعي الملتزم ذي التوجهات الاسلامية تحديداً منذ عدة أشهر و تمتد جذوره الى خمس سنوات تقريباً؛ يذكرني بإرهاصات الثورة الاسلامية في إيران، تلك الإرهاصات التي امتدت من فشل انقلاب د.مصدق و حتى وصول آية الله العظمى روح الله الخميني لطهران، و التي بلغت الأوج منذ عام ١٩٦٣ و حتى شباط-فبراير ١٩٧٩.
كان الإمام الراحل يقود مراحل الثورة من الخارج، فيما يقودها من الداخل أمثال قائد الثورة الاسلامية آية الله العظمى علي الخامنئي و الشهيدين عبد الحسين دستغيب و مرتضى مطهري و محاضرات المفكر علي شريعتي في حسينية الإرشاد، و إنْ كان الأخير قد أثار الجدل بمؤلفاته و طروحاته التي قد يجدها البعض اسلاميةً تقدميةً حركيةً تناسب الجيل في السبعينيات من القرن الماضي، و قد يجدها البعض الآخر أضاعت البوصلة بين الاسلام و الماركسية؛ لسنا بصدد تقييمها الآن.
لو تمعنّا و دققنا النظر في وقوف الشهيد دستغيب ضد مهرجان الفن في شيراز في السبعينيات لوجدنا انه يسميه بمهرجان الخنازير متهماً المشاركين فيه و القائمين عليه، و الذاهبين للتفرج على ما يقدمه بأنهم خنازير، ذلك انهم و لفترة أسبوعين خلال شهر رمضان المبارك كانوا يعرضون عروضاً مباشرةً إباحيةً بمعنى الكلمة تحت مسمى عمل فني عنوانه (خنزير- طفل- نار) و أمثال عروض الخنازير هذه لا تقتصر على ايران السبعينيات، بل امتدت الى شوارع و ساحات عواصم مجاورة تحت مسميات عدة من رفع الاعلام الى المهرجانات الى التظاهرات و الاحتجاجات و الثورات.
فمن يحتوي وعي الجماهير المشمئزة لاسيما الشباب الملتزم الغاضب؟
هل سيكون الوعي قائداً كما تحجج سواهم؟
ان التحرك الجماهيري الشعبي الغاضب ضد ما قامت به قناة mbc من إساءة تجاه الشهيد القائد المهندس يجعلنا نفكر الف مرة بأن هؤلاء الشباب لن يوقفهم شئ بعد اليوم، فتحركهم جماهيري شعبي محض، من جميع الفئات المجتمعية، تركوا كل انتماءاتهم الجهوية خلف ظهورهم و توجهوا مجتمعين نحو هدف واحد دون توصية او قيادة من جهة ما.
أفرز التحرك الأخير عدة نقاط من أهمها اتساع الفجوة بين القادة و الجمهور و خيبة أمل عميقة بوجود قيادة جامعة تحتويهم و تنظم نشاطهم.
على العكس من بهجتهم بوجود قادتهم بين ظهرانيهم في الاحتجاجات ضد سفارة الشيطان؛ و هم لم يطالبوا القادة بأكثر من دعم معنوي دون تواجد قد يخرق الاحترازات الأمنية.
انهم لا يحتاجون فقط لقائد عسكري يصول بهم و يجول وقت الحروب؛ إنما يريدون سياسيين يدافعون عن حقوقهم بضراوة، و مفكرين يردمون الهوّة الحاصلة بين جيل الرواد و الأجيال الصاعدة اسميها فجوة الشباب الناضج الواعي القائد الممتد من مواليد نهاية الستينيات و حتى بداية الثمانينيات، علماً ان غالبية قادة الفصائل هم ابناء هذه الفترة الجيلية التي يغلب عليها مواليد السبعينيات.
لقد انهمك ابناء هذا الجيل في المعارضة السرية داخل الوطن ايّام البعث مضافاً اليها اصعب الظروف المعيشية نتيجة الحصار الاقتصادي، ليكملوا مسيرتهم منهمكين بمقارعة الاحتلال تارةً و بمقارعة الاٍرهاب تارةً أخرى؛ لكن في كل زمان و مكان تكون هناك مندوحة لا بد من استغلالها، و فرصة لا بد من اقتناصها.
ان هذا التحرك الأخير الذي غطّته وسائل الاعلام العالمية بقدر ما يمثل بارقة أمل بالوعي الشجاع لأبناء المهندس و محبيه، فهو لا يمثل جرس إنذار للقنوات المغرضة فقط، إنما هو جرس إنذار لكل القيادات و الكتل السياسية التي وضعوا ثقتهم فيها بأنهم غير مستعدين لتقبل المزيد من الخذلان، يوجهون رسالةً صريحةً بأنهم مستمرون و لو لم يدعمهم أحد، و بأنهم يحتاجون لمصارحة قادتهم لهم، و بأنهم يريدون ان يفهموا و يعرفوا كي يستمروا على نهج المقاومة، فأي حراك دون قيادة تنظمه و تشذبه سيكون طوفاناً هادراً لا يمكن السيطرة عليه، و ان الأمر يوشك على الإفلات من أيدي القائمين عليه حين تنفضّ الجماهير المؤمنة المخلصة عن قياداتها، و يبقى الانتهازيون فقط الذين لا يغنون و لا يسمنون من جوع.
لقد قال هؤلاء قولتهم اليوم، و هم وقود الثورات، و خميرة التغيير الإيجابي،
و بقي سؤال قديم متجدد يتردد في عقلي منذ سنوات:
من يحتوي هؤلاء الشباب؟
من يكون خمينيهم الجديد؟
ــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)