المقالات

عراق اليوم : الامييون الجدد!! 


مازن صاحب ||

 

يعالج الآن دينو في كتابه ( نظام التفاهة) الفجوة المعرفية ما بين جيل اليوم والاجيال المقبلة ؛ منطلقا من عدم وجود ثوابت يمكن أن توقف العلم عن التطور نحو الأمام في عالم رقمي يتجدد في كل ساعة يوميا .

لعل هناك الكثير والكثير جدا مما يمكن الحديث عنه ضمن الأفكار المتجددة التي يطرحها الكتاب وربما تجاوزت مفاهيم كتب الفن توفلر عن حقبة التحول والموجة الثالثة والرابعة في عالم ما بعد الحداثة .. وكذلك ما سبق وأن نشره زببنغيو بريجنسكي في كتابيه ( بين عصرين) و( رقعة الشطرنج) لتفسير العلاقات الاستراتيجية الدولية خلال وما بعد الحرب الباردة .. ثم ظهور نموذج ( نهاية التاريخ) لفرانسيس فوكوياما الذي سرعان ما تراجع عنه في كتابة ( بناء الدولة) ويتقاطع مع طروحات صوموئيل هنتنغتون في نظرية ( صراع الحضارات) .

اكرر القول أن ما يطرحه ( نظام التفاهة) أعمق اجتماعيا واخطر في تحليل منهجي جديد للعلاقات الدولية .. ويفتح افاقا متجددة نحو المستقبل .. هذه الافاق هي ما يتطلب أن نتوقف عندها في مقاربة الفجوة الرقمية المعرفية بين عراق اليوم وما يمكن أن يكون عليه غدا .

المضحك المبكي أن الكاتب يشيع مصطلح ( الامييون الجدد) في وصف من لا يتقن اعادة توصيف العمل المجتمعي في التنشئة التربوية والتعليم الجامعي بما يحقق التقارب المفترض لسوق العمل الجديد في عصر التقانة الرقمية .. وبالتالي ( الامية السياسية) في التعامل مع مصالح الناخبين ضمن عقد اجتماعي دستوري لا يتغير قائما على قاعدة مساواة المنفعة الشخصية والمنفعة العامة للدولة .. منا يجعل وسائل الاتصال السياسي تتجاوز الانماط التقليدية وتتجه إلى خلق تفكيرا متجددا للشراكة المجتمعية الملتزمة في ركوب قطار حداثة لا يمكن وصفها بالموجة الخامسة لكونها تواصل التجدد في تقانة رقمية تجعل الحياة أسهل في بيت ذكي وسيارة ذكية .. وتعليم وعمل ذكيان .. هذا الأمر يمكن أن يؤدي الى الغاء الجغرافية الاجتماعية بثوابتها المعروفة والانتقال إلى جغرافية رقمية واقتصاد رقمي .. وأيضا إدارة رقمية للعلاقات الدولية .

كل ما تقدم كيف سيكون تطبيقه على واقع عراق اليوم؟؟ 

لست بصدد جلد الذات العراقية الجامعة والشاملة بل بالعكس أحاول أن أعرف أن سيكون موقعنا في عالم المستقبل اذا كان وصف ( الامييون الجدد) يطلق على من لا يتقن التواصل مع تطور التقانة الرقمية المعرفية؟؟

اعتقد ان المجتمع العراقي سيبقى متخلفا عن التواصل مع تطور التقانة الرقمية الا بالاستخدام السطحي  لمخرجات هذه التقانة .. كما هو حال الانترنت والموبايل وربما هو الأكثر سوءا بسبب عدم التواصل التدريجي مع هذا التطور .. وبقاء الراي العام المجتمعي أمام موجات غزو التضليل والتجهيل لأسباب مرتبطة بمفاسد المحاصصة وحكومتها العميقة وسلاحها المنفلت والاجندات الاقليمية والدولية للاحزاب المهيمنة على السلطة .

كل ذلك يزيد من فجوة المعرفة الرقمية مستقبلا ولن تحقق السياسات العامة للدولة أي نموذج حقيقي للحوكمة للمساواة بين المنفعة الشخصية للمواطن/ الناخب والمنفعة العامة للدولة العراقية بهوية وطنية عراقية جامعة شاملة .

هذا التحدي يزداد خطورة بسبب تحول استراتيجي مفترض للصناعة تغادر الوقود مثل النفط والغاز إلى نموذج متجدد لإدارة البيئة النظيفة .. مما يجعل فرضيات حلول تطبيقية عراقية للدولة الريعية المعتمدة على تصدير النفط أمام استحقاقات كبرى لاعادة صياغة الخطط الاستراتيجية الاقتصادية لعراق المستقبل المنظور لاسيما في التنمية المستدامة للموارد البشرية التي تزدحم اثقال الدولة ببطالة مقنعة غير منتجة أمام تطور هائل في نوع الانتاج الاقتصادي الرقمي!! 

ومع ظهور تطبيقات ( نظام التفاهة) خلال وما بعد جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط .. لا أعتقد ان احزاب مفاسد المحاصصة متمكنة من بلورة استجابة مجتمعية واقتصادية سريعة لمواجهة تحديات الأسوأ ما بعد مرور جائحة كورونا وربما ظهور أنواع اخرى من الأزمات التي ارسم متغيرات مستقبل الاقتصاد الدولي .

كل ذلك يتطلب افاقا متجددة نحو فهم عراقي جديد للعلاقات الدولية في جغرافية رقمية واقتصاد رقمي يتجدد التأكيد بقناعة دولية على تطبيقاتها يوم بعد آخر .. .

شخصيا لا امتلك الا بارقة أمل في شباب ساحات التظاهرات لمنح عراق الغد دوره الحضاري الذي يغادر نموذج ( نظام التفاهة) نحو إعادة إنتاج عملية سياسية حقيقية تعتمد العقد الاجتماعي الدستوري للمساواة بين المنفعة الشخصية للمواطن الناخب والمنفعة العامة للدولة .. وهي مهمة تحتاج إلى وعي مجتمعي يبدأ أولا في تجديد الخطاب الديني لكافة المرجعيات الدينية العليا .. واعادة هندسة الاستثمار من اجل ردم فجوة المعرفة الرقمية مستقبلا .. ولله في خلقه شؤون!!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك