المقالات

الخصم الأمريكي ونظرية الفراغ الوهمي..!


عمار محمد طيب العراقي ||

 

في العمل السياسي والتخطيط الإستراتيجي، غالبا ما توضع الإفتراضات المسبقة، كي تحقق نتائج ترغب بتحقيقها الجهة المسوقة لها، ويسجل التاريخ السياسي كثير من هذه الوقائع، التي باتت علامات يقف عندها الدارسون، فحصا وإتعاضا وإستلهاما للقادم من الأحداث.. أمثلة التاريخ أكثر من أن نحتاج الى إيرادها، لكن على الرغم من أن المقدمات يجب أن تكون صحيحة، للوصول لنتائج صحيحة، إلا أن المقدمات الصحيحة؛ ليست كافية وحدها للوصول لنتائج صحيحة؛ بعبارة أخرى؛ المقدمات الصحيحة هي شرط لازم غير كاف؛ للوصول لنتائج صحيحة.. في قضية العلاقة مع الأمريكان والتفاوض معهم، ثمة نقطة جوهرية لم يتم بنائها على إفتراضات، بل أنتجتها وقائع الأحداث وإتجاهاتها، وهي ليست توقعات بقدر ما هي محصلة مؤكدة، بنيت بعض جوانبها بواسطة التفكير والإستنتاج المنطقي، وليس بواسطة "التنبؤات"  التي لا تستند على أرضية حقيقية. أمريكا وعلى مر تاريخ علاقتها مع الشعوب، كانت غالبا ما ترسم نهايات سيئة لتلك العلاقة بيدها، مرات من حيث لا تدري أو تريد، ومرات أخرى من حيث تريد وتدري، في علاقتها مع اليابان وأوربا كان الإستعلاء والغطرسة، وسائل لفرض النفوذ والهيمنة الإقتصادية، لكن المحصلة أن اليابان وأوربا متفوقين على أمريكا التي باتت تحتاجهم وقلما يحتاجونها، وبالتالي تحولت الى نمر من ورق.. دول جنوب شرق آسيا شقت طريقها الى النمو الإقتصادي، فيما أمريكا بقيت تستعرض عضلاتها الفارغة هناك بمجون لا يلتفت أليه احد! الصين والهند عمالقة النمو الإقتصادي، وها هما يخرجان سراعا من الفقر المدقع الى الإزدهار، مع نقاط متقدمة كثيراً لصالح الصين.. تفكك الاتحاد السوفيتي سابقا ورجوع الدب الروسي كقوة عالمية عسكرية ضاهت أمريكا، ذلك قزم من الاقتصاد الأمريكي، ووضعه في أزمات وعراقيل وتراجع غير مسبوق. دول الجزيرة والخليج العربية، علب من سمنت على حافات الرمال، صحت على حقيقة مؤلمة، وهي أنها  إذا لم تدفع ثمن الحماية الأمريكية، فإن الأمريكان راحلين عنها، وهم راحلون لامحالة، لأن بلادهم بدأت بالإنهيار! إيران وعلى الرغم من حصار قاسي لإربعين عاما، إلا أنها تقف الآن متوازنة قوية، يحسب لها العالم الف حساب، وها هي أخيرا مستثمرة للحظة تاريخية نادرة؛ مرغت الأنف الأمريكية في فنزويلا، بطريقة لم يحسبها أي من منظري الإستراتيجية الأمريكان، وهم الذين كنا نخاف تنظيراتهم المرعبة!  الخلاصة أن أمريكا باتت طبلاً أجوفاً، وها هي أزمتها الداخلية تنخرها إقتصاديا ومجتمعيا، ومن المؤكد سنشهد تفككها في وقت قريب، كما توقع صاحب الكف القطيع قرب مطار بغداد، وكما هو مرسوم لها تاريخيا، وفق دورة حياة الدول التي قسمها الفيلسوف العربي إبن خلدون في مقدمته، الى  ١-مرحلة الميلاد والنشأة. 2 - مرحلة الازدهار والتوسع السريع. 3- مرحلة الجمود والعجز عن التطور والابداع والتجديد. 4- مرحلة الانحلال والتدهور الاخلاقي. 5- مرحلة السقوط والانهيار. أمريكا مرت بكل هذه المراحل، وها نحن شهود على المرحلة الأخيرة، وهنا في العراق؛ عندما أطلقت طائرة الدرون الأمريكية صاروخيها، على السيارة التي تقل الشهيدين قائدي الإنتصار على داعش، في تلك اللحظة شرع التاريخ بإعادة بناء حيثياته، وتشكل مشهد جديد بسيناروهات متعددة، بعض هذه السيناريوهات ينسجم مع إشتراطات العقل، وبعضها الآخر مجرد تهويمات فارغة، فيما بعضها الثالث ليس أكثر من إفتراضات؛ سربت لخدمة أحلام صاحب الدرون الغبي! المفاوض العراقي الذاهب لمفاوضة الأمريكان على خروجهم من بلدنا، يجب أن يعي جملة من الحقائق هي: • أنه إزاء خصم مجرم وليس صديق. • أن هذا الخصم الذي تورط بالدم العراقي، يريد الخروج من العراق بأقل الخسائر، لأنه يعرف أنه سيُخرَج مشيعا باللعنات، إن لم يَخرُج بثوب الكرامة. • أن الخصم وهو يتفاوض معنا؛ يبحث عن مغانم وليس عن علاقات متكافئة. • أن إستراتيجيته بالتفاوض، هي المفاوضات من أجل التفاوض، وهي نفس إستراتيجية المفاوض الصهيوني مع الفلسطينيين، بمعنى أنه يريد إطالة أمد المفاوضات، لتحقيق مكاسب صغيرة كانت أم كبيرة. • أن الخصم يروج لوهم نظرية الفراغ الذي سيحدثه خروجه. • أن الخصم يدعم موقفه بتخريب الداخل العراقي، وأنه يستند الى طابور طويل من الأتباع الذين يشغلهم لحسابه، وما جرى منذ تشرين 2019 لغاية اليوم كشف كل أوراقه المحلية. • أن هؤلاء الأتباع ليسوا أصحاب مباديء وبالتالي فهم مجرد شوشرة ليس إلا. • أن المفاوض العراقي متسلح بقرار شعبي برلماني بات؛ بخروج المحتل الأمريكي. • أن ظهره يستند الى جدار صلب أساسه مثلث القوة العراقي المتمثل  بالمرجعية ـ الشعب ـ الحشد، وهو مثلث يفهم المفاوض مقدار قوته ومنعته، وأن هذا المثلث ضمانة أكيدة يعلمها العدو قبل الصديق لمنع حصول الفراغ الوهمي الذي يروج له الخصم الأمريكي. شكرا 31/5/2010
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك