أياد خضير العكيلي ||
بعد أطلاعنا على الجهود الكبيرة التي بذلها الخبراء والمختصون في المعهد العراقي للاصلاح الاقتصادي التي تكللت مؤخراً بحزمة من الاصلاحات الاقتصادية الكثيرة والمهمة ، أطلقها المعهد المذكور من أجل مساعدة الحكومة العراقية في النهوض بالواقع الاقتصادي المزري للبلاد وأسعاف الموازنة العامة للدولة بأيرادات مالية جديدة ،
هذه الاصلاحات التي تستحق الثناء والتقدير والتي تضمنت أجراءات ناجعة وواقعية عديدة مبنية على أسس علمية سليمة وعلى رؤيا وطنية .
فأننا نعتقد في الوقت نفسه بأن كل تلك الاصلاحات الجوهرية المهمة لن تتحقق ولن ترى النور ( وأن شاءت الحكومة الأخذ بها والعمل عليها ) وذلك لسبب مهم جداً سيقف حائلاً كبيراً وحجر عثرة أمام تطبيق كل تلك الاصلاحات الواسعة .
ألا وهو النظام الاداري الحالي ، التي تعمل اليوم بموجبه مؤسسات الدولة العراقية كافة والذي يعتبر من الانظمة البالية والمتخلفة ، وهذا النظام يستند في أغلبه الى قوانين قديمة وجامدة لاتلائم التطور الحاصل في الانظمة العالمية ولايواكب مطلقا متطلبات عصر التكنلوجيا الحديث في الاتمتة وفي علم الادارة ، وهو الذي جعل من الموظف العراقي في الغالب أداة معطلة ومعرقلة وليس أداة منتجة وفعالة .
كما أن أغلب التشريعات التي أقرت وشرعت بعد عام ٢٠٠٣ بقيت معطلة كذلك فإما أنها لم تشرع لها قوانين أو أن تلك القوانين حينما شرعت لم يوضع لها تعليمات لهذا بقيت تلك التشريعات والقوانين معطلة أو قابلة للاجتهاد والتأويل ،
أو أن العديد من تلك التشريعات والقوانين المستحدثة كانت تتعارض مع القوانين القديمة ولم تفك الاشكالات الكبيرة الحاصلة بينهما فأصبح أمام المنفذ عدة قوانين متشابكة فيما بينها .
كما نعتقد جازمين أيضاً بأن أي حزم أصلاحية أقتصادية تطلق في البلاد اليوم لايمكن تطبيقها مطلقاً مالم يسبقها أصلاح النظام الاداري المعمول به حاليا ، إضافة إلى فك الاشكالات الحاصلة بين القوانين النافذة التي تم الاشارة اليها آنفاً مع ضرورة تشريع القوانين اللازمة للتشريعات العديدة التي أقرت في الدستور ،
مع التشديد على سرعة وضع التعليمات الواضحة مع أجراءات التنفيذ لكافة القوانين التي شرعت لكي يتسنى للمؤسسات والدوائر العراقية العمل بها بشكل صحيح وسليم .
ومن المعلوم للجميع أن من أهم تلك المشاكل والمعوقات لتنفيذ أي أصلاح أقتصادي هو الروتين الاداري القاتل في الدوائر العراقية والترهل الوظيفي الرهيب ،
الذي يسمح بطبيعته الى الفساد والرشوة والذي أصبح آفة مميتة تنخر في جسد الدولة العراقية ،
مع تأكيدنا على أهمية تشريع قوانين جديدة صارمة وحادة ضد الفساد والمفسدين التي بدونها لن يتوقف هذا الفساد المستشري .
وبدون تحقيق هذه الامور فأن كل تلك الجهود المضنية والاصلاحات الكبيرة المهمة ستضيع وستبقى مجرد نظريات وحبر على ورق ليس إلا ..