◾محمّد صادق الهاشمي ||
معركة تدور رحاها في الفضاء المجازي – وينبغي الالتفات إليها لخطورتها – بين مَنْ يدافع عن قرارات الكاظمي المالية وبين من يهاجمها.
ولو كانت هذه المعركة عفويةً لكانت طبيعيةً ومثمرةً، ويمكن أنْ يقال: إنّها حوارٌ اجتماعيٌّ بحثاً عن الأصلح، لكنّها اتخذت جانباً أيديولوجيّاً عميقاً يوفّر لمرحلة صراع مقبل.
حرب الأقلام تلك سوف تستثمر لإسقاط طرف ضدّ طرف آخر، وتُحدثُ شرخاً كان موجوداً منذ الأوّل، والآن يجري العمل لتعميقه.
منهم مَنْ يقول: إنّ الأحزاب التي حكمت أفرغت الخزينة، وصادرت الأملاك والعقارات والمنافذ وتوسّعت تجارتها، وتغوّلتْ، ولم يبقَ شبرٌ من أرض العراق، ولا فرصة من فرص الدولة، أو وزارة من وزاراتها إلّا وقد امتدت إليها يدُ المغانم والمكاسب، ولم يبق لخزينة الدولة إلّا بعضٌ من واردات النفط، وهي كما نعلم تعاني هبوط الأسعار, ويتوجّه قولهم لمن يريد من الكاظمي الحفاظ على حقوق الناس من السّجناء والشّهداء ورواتب الموظّفين من مجالاتٍ متعددةٍ فإنّ جواب الفريق المؤيّد للكاظمي يقول: مِنْ أين يوفّر الكاظميّ الأموال؟ ومصادرها تحوّلت إلى أملاكٍ شخصيةٍ وحزبيةٍ وهو غير قادر على استردادها هذا بالإضافة إلى ملفّات الفساد المزمن؛ لذا لم يبق أمام الكاظميّ إلّا النفط وهو لا يسدّ النقص .
ومنهم مَنْ يقول: إنّ الكاظميّ على فرض صحّة ما يرد من قول الفريق المدافع عنه إلّا أنه اتخذ الإجراء الخاطئ؛ لأنه لم يعدل، فاهمل أصحاب الرواتب الكبيرة، والامتيازات الخاصّة، والنثريات الهائلة، ورواتب أزلام النظام، وتوجّه إلى الطبقة الفقيرة، علماً أنّ تلك الاستقطاعات لم تسدّ نقصاً كبيراً في الموازنة، وتحدثُ شرخاً اجتماعياً وقلقاً واضطراباً اجتماعيّاً تنعكس آثاره على استقرار العراق، ومع قطع النظر عن الجدل بين الفريقين يتوجّب هنا ما يلي:
1. الكاظميّ مطالبٌ بالعدالة في كُلّ شيء، وليس من العدالة شمول الفقراء والسّجناء والشّهداء والموظّفين، وترك البعثيين القمعيين بكامل امتيازاتهم، وأيضا ليس من العدالة أنْ يمسّ رواتب الموظّفين، بينما يتنعّم أصحاب الامتيازات بما هم عليه، هذا بالإضافة إلى أنه استهدف مكوّناً دون آخر، فقد بقي الكرد فوق القانون .
2. كلّ الجهات مطالبة بأنْ ترفع يدها عن أموال الدولة لإنقاذ الاقتصاد العراقيّ، ولتوفير لقمة العيش للمواطن العراقيّ تحت شعار (حصر المال بيد الدولة)، وإلّا فإنّ الأزمة المالية ستتفاقم، وتكون كرة الثلج التي تتخذ طابعا سياسيا تلقي آثارها على ما بقي من الدولة (يمعودين كافي).
3. ينبغي إعادة النظر في التشريعات والقوانين كلّها لجعل المعيار هو العدالة، وهذا أمر يفترض أنْ يكون في الاختيار والاضطرار .
4. الأحزاب الشيعية التي تدّعي أنّها ضدّ رواتب البعثيين، وتنحو باللائمة على الكاظميّ، فلتذهب إلى البرلمان وتلغي امتيازاتهم، فالتهريج خارج البرلمان ثرثرة بما لا ينفع.
وختاما الكُلّ يتحمّل مسؤولية إفقار الشّعب العراقي، ولقد ظلم الكاظمي الشّهداء والسجناء والفقراء ، ويشاطره الظلم من اغتصب مالاً من أيّ جهة كان أكرر له قولي: (كافي ) لقد بلغ السيل الزبى.
ـــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha