◾محمّد صادق الهاشمي||
أيّها المسؤولون وأنتم في كراسيكم إنّ شعبكم كلّ سنة يجلس تحت المنابر لا يسمع شيئا سوى التاريخ، وحبر التاريخ هو الدم الحسينيّ، ومن الحسين نتعرّف على لوحة المجد الانسانيّ التي كتبها وخطّها في عرصة كربلاء بدمه القاني، وقد حفرها في ذاكرة الأجيال لئلا تنسى، فيعود الحسين في كلّ عامٍ بكلّ ما يحكي عن قيمٍ لا تحصى حاضراً في ذاكرة أتباع أهل البيت (ع) تحضر معه التضحية في سبيل المبادئ، والزهد والكرم و........
ويسمع هذا الجمهور أنّ عليّاً رقع مدرعته بيده، بينما معاوية كان يأكل دون ملل، ويكرر القول: (ما شبعتُ، لكن تعبت أسناني)، ونسمع، ونسمع... حتى تشربت ثقافة هذا الجيل بحبّ علىِّ (ع) حدّاً يجعل الشّباب منهم تزحف باتجاه الموت، وتغني للشهادة على سواتر الشرف، بكلمة قالتها المرجعية، فتنادى لها أبناء التشيّع، ولم تكن في بداية الفتوى قد توفّر لهم أقلّ مستلزمات البقاء، لم يكن لهم رواتب يومئذٍ، بل حتى لقمة الخبز كانوا يعتمدون فيها على المواكب الحسينية، كان المقاتل منهم يداً تعمل (بالعمالة وحمل الطابوق) لأجل عوائلهم في أيام إجازتهم، ويداً تحمل البندقية في أيام التحاقهم بعد إجازته، نعم تلقوا الفتوى وكأنّهم يتلقّون من خلالها الشعور بالعزّ والكرامة، لبّوا نداء المرجعية وهم يشعرون أنّ هذا هو نداء الله قد أُوحي من خلال هذا الفقيه، هذا الرجل الذي ربما لم يلتقوا به يوما، ولم يروه إلّا أنّ دماءَهم قد نزفت ترفعها ملائكة الله حيث مثواهم الأخير، تلبية لندائه، وما زالوا إلى الآن لا شيء يحرّكهم غير مدرعة عليّ (ع)، ورغيفه، ودم سال في كربلاء.
تلك الثقافة ربّما تعاني الصدمة وهي ترى منكم قصوراً فارهة، ونعيما مقيماً، بينما يجدون جدران بيوتهم خاوية، وفي مناطق التجاوز، تحدّثهم كل يوم عن الفارق الطّبقي بينهم وبينكم أيّها المدّعون بالصّلة بعليّ (ع)، إنكم أشدّ عليهم من (الدواعش)، أنتم مصداق ما رُوي عن صادق أهل البيت (ع) بقوله: « ... هم أضرّ على ضعفاء شيعتنا من جيش (يزيد عليه اللّعنة) على (الحسين بن عليّ (ع) وأصحابه؛ فإنّهم يسلبونهم الأرواح والأموال...».
إنّ شيعة عليّ (ع) على وعيّ تام، ولا يكاد يختلط في أعماق هذا الجيل صوتُ المنابر التي ربّتهم على زهد علىّ (ع)، بأّنكم لا صلة لكم بعليّ الشرف والكرامة والقيم، أنتم لا تمثّلونهم، بعضكم ذئاب ليل، تسللت في جنح الظلام، قد تسربلت سرابيل القديسين، أنتم الذي تسلقتم في غفلة من طيبتهم إلى السلطة، فأكلتم الأخضر واليابس، بل أنتم – مع شديد الاسف - قد امتطيتم الشهداء والشرف والقيم والكرامة والدين وكلّ القيم الدينية والأخلاقية لتصلوا إلى السلطة أولادكم يقيمون قي الخارج وأولاد على فوق الساتر.
أتظنون أنّ الأجيال تنسى فعلتكم بها!، أتدرون أنّ التاريخ قد سجّلكم في سجلّاتها أنكم سارقون؟ سجّل التاريخ أنّكم أذللتم الشيعة بالفقر والهوان وبيوت الصفيح، ونساء الشيعة في قارعة الطريق يتصفحهنّ القاصي والداني، الشريف والوضيع يستجدين لقمة الخبز. كيف تتأمّلون أنْ يصوّت الفقير لصالحكم، وما الحجّة في اتباعكم أيّها السارقون الذين اتخذتم مال الله دولاً، وجعلتم عباد الله خولاً، وهل تعودون تشترون الذمم!!.
والله لقد أجهز بكم عملكم، وغرّتكم الدنيا فانغمستم بها، وأوغلتم بها فألبستكم ثوب الذّل والعار مدى الحياة ، وسيذكركم التاريخ باللعين الوبيل، وسيسمّي التاريخ فترتكم بفترة « السارقين المدّعين للتدين ظلما». ويسجل كل ماقالته المرجعية بحقكم وتشتكي لربها صوتها المبحوح وهي ترى تراثها نهبا.
لقد انطبقت عليكم كلمة بنت عليّ (ع) وهي تخاطب أمثالكم: «... تبت الأيدي، وخسرت الصفقة، وبؤّتم بغضب من الله، ويلكم أتدرون أيّ كبدٍ لمحمّدٍ فريتم، {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا}، ولقد أتيتم بها خرقاء شوهاء». أكبر عارٍ عليكم أنْ أوصلتم البلد إلى حدّ بات يستجدي من الآخرين قروضا فلا يمنحوه!!!!!
نعم كان لنا صدّام واحدٌ، ثمّ شظّى صدام فكان بعددكم وعديدكم، {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ، وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ} ، لقد بلغ بكم شرهكُم لتتقاسموا ثروات العراق كلّها، وليس للفقير بينكم من حساب!! فالعراق مقسّمٌ بينكم حصصاً محروسة بالرجال والسلاح فلا يجد الفقير ملجأ يلتجأ إليه من ظلمكم إلا الله فستجدون عقوبتكم دنيا وآخره كما وجدها الذين من قبلكم.
أنّ أبناء الحشد الشعبي – ونحن نعيش في ايام الذكرى السادسة لانطلاقه - يجدون أنفسهم تحت المنابر، وفوق السواتر، ويجدون أنفسهم في أحضان عليّ (ع)، ولا يجدون فيكم إلّا قذارة قد ابتلي بها العراق.
الى كل من نهب وسرق واستغني وحاصص وتاجر واثري بالدماء نقولهم بينكم وبين أبناء الحشد ، بل كل هذا الجيل ألف عام من القطيعة، أنتم السبب في خروج الشباب من دينهم.
ولولا وجود المراجع وما يعكسونه من مثال حيّ لزهدِ آل محمّدٍ (ع) لتعمقت النكسة في أعماق أجيالنا، إلّا أنّ هذا الجيل مازالت رصيده المعاصر هم الفقهاء من أمثال روح الخميني والشهيدين الصدرين وابتسامة الخامنئي، وأبوة السيستاني كلٌّ هؤلاء هم أمله، وانتم ستبقون جرحه العميق الذي لا يشفى، أنتم ألم هذا الجيل ، ولعنة الفقراء واما ابناء الشهداء ورجال السواتر والخنادق والبنادق، تحية إجلال وإكبار وإعزاز لكم يا رجال السواتر بذكراكم العطرة.
بتاريخ : 15 / 6 / 2020 م
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha