د. هاتف الركابي ||
بدءاً انا مع مطالب أخوتنا من المكون التركماني في استحقاقهم بأن تناط لهم إدارة إحدى الوزارات كباقي استحقاق المكونات والقوميات والأقليات ..
والتساؤل الذي يثار هنا : هل يملك رئيس الوزراء الحق بالتفويض بتشكيل وزارة دون الرجوع الى الآليات التشريعية الصحيحة كما يدعي أحد الخبراء القانونيين الذي أثار الدنيا إعلامياً ، والذي يتعكز على المادة ( ٧٨ ) من الدستور قائلاً أنها أعطت رئيس الحكومة صلاحيات عظيمة وكبيرة ، وأعتقد أن هذه الآراء ستضع أقدام السيد الكاظمي على شفا جرفٍ هار ، فمجلس النواب قد ألقى الكرة في ملعب الحكومة عندما أصدر قراراً بتكليف الحكومة بتشكيل الوزراة ، وهنا البرلمان قد اعطى بشكل رسمي الحق لحكومة الكاظمي باتخاذ الاجراءات التشريعية ، ولا يمكن مطلقاً أن يتم تشكيل الوزارة دون تقديم مشروع قانون بذلك الى البرلمان ، فإن أي جسم غريب يوضع لهيكلية الدولة لابد أن يكون بمقتضى قانون .. وبذلك نصت المادة ( ٨٦ ) من الدستور العراقي على انه ( ينظم بقانون تشكيل الوزارات ووظائفها واختصاصاتها وصلاحيات الوزير ) ، إلى هنا ينتهي نص هذه المادة الدستورية الصريحة والواضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار ولاحاجة للاجتهاد والسجال الذي يقدح في المضمون..
ولعمري فإن استحداث وزارة دولة للتركمان بدون قانون سيجعل ذلك القرار معدوماً عقيماً ولاينتج أي آثار قانونية ومن ثم سينحدر إلى الدركة الدنيا من عدم المشروعية.
وتأسيساً لما تقدم أقترح على دولة الرئيس بالتشاور مع البرلمان والأخذ بأحد الإقتراحين الآتيين ، وأنا شخصياً أميل إلى المقترح الثاني لما فيه من فوائد جمة :-
١- المقترح الاول :- يقع على رئيس الوزراء تقديم مشروع قانون يتضمن التعريف والتأسيس ونطاق السريان واهداف الوزارة في هذا القانون ووسائل تحقيق هذه الاهداف والهيكل التنظيمي وصلاحيات الوزير والدوائر والاقسام لهذه الوزارة والاحكام المالية والاحكام الختامية ثم الاسباب الموجبة ، ويقدم الى البرلمان لاجل استحداث وزارة للمكون التركماني، وهذا ماجرى عليه العمل في كل قوانين مؤسسات الدولة العراقية ومن ثم التصويت عليه ، أي يخضع للاجراءات التشريعية في البرلمان من القراءة والمناقشة في اللجنة المختصة ثم القراءة الاولى والثانية والمناقشة ثم التصويت في جلسة المجلس ثم المصادقة من رئيس الجمهورية ثم النشر في جريدة الوقائع وبعد ذلك تكون الوزارة قابلة للتطبيق، ولا ان يكون بموجب قرار كونه يوقعنا بمخالفة لنص المادة ( ٨٦ ) من الدستور . فالقرار الصادر من الحكومة لايمكن ان يرتقي الى قوة القانون وهذا ماعرفناه في سمو القواعد الدستورية والقانونية .
٢- المقترح الثاني : - وهو الأفضل ويحتاج الى قرار جريء وشجاع من الحكومة والبرلمان من خلال التعاضد والتعاون بين السلطتين بتقديم مشروع قانون الى البرلمان ، إذ أن هناك الوقف الشيعي ، والوقف السني ، ووقف الديانات الاخرى ، وهيأة الحج ، وجميعها هيئات مستقلة ، فيمكن ان تكون جميعها بهيأة مستقلة واحدة تدعى ( هيأة دواوين الاوقاف وشؤون الاديان) لكونها تتعلق جميعا باختصاصات مماثلة وتناط لوزير من المكون التركماني ، فنكون عندئذ قد دمجنا خمسة هيئات لاجدوى من وجودها في هيأة واحدة ، وتكون تلك الدواوين على شكل مديريات عامة ، ونحقق بذلك الترشيق الاداري ووفرنا أموال ونفقات كثيرة للدولة لاسيما بوجود الضائقة المالية التي تمر بها البلاد. وربما يعترض معترض بأن دواوين الاوقاف قد جاءت بنص دستوري ، وهنا الإجابة تكون بأن نص المادة ( ١٠٣ / أولاً ) من الدستور قد جاءت مطلقة ولم تنص بشكل مباشر بأن يشكل لكل ديوان هيأة مستقلة ، إذ جاء النص ( يُعد كل من البنك المركزي العراقي، وديوان الرقابة المالية، وهيئة الإعلام والاتصالات، ودواوين الأوقاف، هيئاتٌ مستقلة مالياً وإدارياً، وينظم القانون عمل كل هيئةٍ منها ) . بمعنى ان النص واضح وجاء حرفياً ( ودواوين الاوقاف ولم يقل أن كل ديوان يعد هيأة مستقلة ، والدليل على ذلك نص البند ( ثالثاً ) من نفس المادة التي نصت على ( ثالثاً:- ترتبط دواوين الأوقاف بمجلس الوزراء ) ولم يقل يرتبط كل ديوان على حده بمجلس الوزراء.
إذن فالنص المطلق يجري على إطلاقه ولا إجتهاد في مورد النصوص ، فنية المشرع الدستوري قد اتجهت الى ان الدواوين اجمعها بهيأة واحدة.
وتأسيساً لما تقدم نهيب بالسيد رئيس الوزراء ، بالنظر في هذا الاقتراح والمضي بالسير بالاجراءات التشريعية وتقديمها كمشروع من الحكومة.
https://telegram.me/buratha