المقالات

حان وقت الحوار  

1625 2020-07-11

واثق الجابري ||

 

حادثة الاعتداء على مدير عام صحة ذي قار واحدة من آلاف الحوادث المتشابهة، وربما منها ما هو  أشد قسوة وعنفاً، لكنها وقعت تحت الكاميرا كما هي عملية قتل جورج فلويد في أمريكا، وكلامها يعبر عن نفسه بقول لا أستطيع التنفس، ورقمها أن فلويد مقيد الأيدي وفي العراق من لا يستطيع التنفس مطلقاً، وهو جيل يشعر أنه فقد سبل العيش في بلده ولا يستطيع التنفس، حتى منهم من تصرف كالمخنوق ويضرب بلا وعي.

ليس هذا الجيل فحسب، الذي تمرد أو رفض الطبقة السياسية،  بل أن الكثير من العراقيين يعانون من السياسة الصحية وضيق العيش، أو حتى الميسور منهم يشعر بوجود غبن وتفاوت فرص، ولكن هؤلاء الشبّان ينظرون ان الوظيفة بوصفها السبيل الوحيد لعيشهم،  وأن الأسباب واضحة بسبب الفساد والمحاصصة وسوء الإدارة، بل بعض منهم تورط بالإرهاب لنيل مكاسب سياسية أو إرضاء أجندات خارجية، والوظيفة في نظرهم غاية، حتى انهم ينظرون للقوات الأمنية رغم تضحياتها، بأنها مستفيدة من الدولة بالرواتب، وتناسوا من قدم نفسه ضحية وهو في بيت صفيح، وربما منهم من هو أسوأ حالاً من الشبّان المحتجين، وهناك من تعاطف مع التظاهر وهو مترف او حتى لو كان ثراؤه من تحايلٍ على القانون ودفع رشاوى ومشاركة فاسدين.

ربما لم يقتنع  كثير من سياسيّي الخط الأول، أو تناسوا أنه منذ العام  2003 إلى 2020 م، تخرجت منها أجيال منهم من شاخ ومنهم مواليد هذه الأعوام أصبح شابا، يسمع السياسة ليل نهار، ويغذى دماغه بالصدق والكذب والأشاعة وتبادل الاتهامات، حتى ما عاد يصدق أن كل من مارس السياسة ولم يتلطخ بالفساد، وبين جيل لم لم يحسب ان 17 عمرا لإنسان، فيما  يشعر شباب انهم جيل لا يتنفس، وكل ما تنفسه فساد وابتزاز، وضياع حقوق يعتقدوها بحسب ما تتناقله وسائل الإعلام المصارعة لنيل مكاسب ما.

إن كل الأطراف معنية بمراجعة طبيعة الخطاب والأفعال، بما فيهم قادة الجيل الأول وشباب اليوم والمجتمع، في واقع أصبح التنافس قطعاً للأنفاس ونفي الآخر، وعليهم تفهم ان لكل مرحلة متطلباتها،  ولابد من القبول بحلول وسطى بأقل الخسائر، وبما يعني أن التنازل عن نصف المطالب، يعني كسب نصف لم يتحقق، وبذلك ليفهم قادة الجيل الأول أن الواقع طرأت عليه تغيرات ومراحل، ومن العقل التعامل مع هذه المراحل بما هو واقع، وإن كان يعتقد بمكاسب أهمها الديمقراطية فلابد من سلوك سبلها لتحقيق العدالة الاجتماعية، وكذلك جيل الشباب أن يعرف تاريخاً من التضحيات ودماءً لولاها لما وصل العراق إلى فسحة كل هذه الحرية، بشرط أن يلتزم الطرفان ولا يستغل الأول وجوده في السلطة، لديمومة مكاسب ومنها غير شرعية، ولا يستغل الشباب فسحة الحرية، للتمرد والخروج عن مفاهيم الديمقراطية والحرية التي تقدمها قوانين لخدمة البشرية.

عشرات أو مئات الحوادث يومياً تحت عنوان الحقوق، إلا انها لا تخلو من مصالح خاصة على حساب العامة، وسياسة الإصلاح خذلان في خدمة المواطن، وجمهور ناقم دفعته الحاجة إلى الانسياق في ركب نفي النظام السياسي وتهديم مؤسسة الدولة.

ليس على كل الأطراف سوى فهم، أنهم في مركب واحد، وخطأ أحدهم سيؤدي إلى غرقهم جميعاً، وأن الواقع فيه من ذاق قسوة الفقر وأثر الطبقية، وقوى سياسية تجرعت ابتزاز وتسلط غيرها أو أنها تقاسمت المنافع وظلمت المجتمع، وما تحتاجه الأطراف كلها هو عقد جلسات ومؤتمرات وطنية.. وطنية بالمعنى والفعل وأدوات التطبيق، وجلوس الأطراف كلها على طاولة حوار تجمع القوى السياسية والشعبية والمتظاهرين، والواقع وجود قوى سياسية فاعلة في العمل التنفيذي والتشريعي، وجمهور منه المعترض وغير راضٍ عن الواقع وهناك متظاهر، ومن هذه الجلسات تخرج مقررات ملزمة لكل الأطراف، دون تبني مواقف مسبقة وسقوف عالية المطالب، على أن لا يعتقد السياسي أن التظاهر مدفوع من الخارج، وأن لا ينفي التظاهر وجود قوى سياسية، وكل الأطراف تعمل على تهيئة أرضية للإنتخابات القادمة.

عندما تَصدق القوى السياسية، فإنها تعيد لجمهورها جزءاً من الثقة المفقودة، وبالوقت ذاته على المتظاهرين إثبات أنهم خرجوا لإصلاح العملية السياسية وأن لهم رأياً وهناك من يختلف معه.. عليهم القناعة أو تحييده، ومثلما يطلبون القبول عليهم القبول بالرأي الآخر، وإلّا أن استمر التقاطع بين الأطراف، فستسعى أطراف سياسية لإستغلال الفوضى من أجل ديمومة الفساد، وأطراف بإسم التظاهر لأجل تنفيذ أجندات تخريب الدولة، وبذلك بدل ان تصلح العملية السياسية، سيكون تقاطعهما سبباً لضياع حقوق الشعب، ويصبحا كحال بعض القوى السياسية، أن اختلفت فإنها تعطل العمل الحكومي وخدمة المواطن وإن اتفقا فإن اتفاقهما على تقاسم مغانم لا حصة للشعب فيها، وبذلك ادراك الواقع بالمحافظة على النظام السياسي والمؤسسات، وتؤشر نقاط الخلل وتتعاون الأطراف جميعها على حلها، وأن تقبل الأطراف جميعها بالإنتقاد والمراجعة، ولا طرف يعتقد انه معصوم، وفي العراق هناك من لا يستطيع التنفس وكلنا مسؤول عن اغاثته

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك