✍️ إياد الإمارة ||
▪ ليست البداية من مجزرة القصر الملكي المتواضع الذي أُغتيلت فيه العائلة المالكة بدم بارد من قبل الإنقلابيين غير الشرعيين المدعومين من قوى قومية غاشمة يمثلها الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وهي ليست من "سحل" جثث الوصي ونوري السعيد وتعليقها ومن ثم تقطيعها في مشهد دموي جبان لا يقدم عليه سوى العقديين الساديين، البداية كانت متقدمة على كل هذه الجرائم البشعة بكثير، البداية مرتبطة بمساع من جهات تختلف أغلبها في الفكر والمنهج لكنها اتفقت جميعاً على إزاحة فترة مهمة من الإستقرار العراقي "النسبي" ومحو خططه التي رسمها من أجل عراق مزدهر ينشد عملية تنمية في مختلف القطاعات، كانت الرغبة ملحة لدى بعض القوى الإستعمارية أن يكون العراق على ما هو عليه الآن من العام (١٩٥٨) إلى العام (٢٠٢٠)، مستودع ملتهب للنفط يعيش أغلب سكانه دون مستوى خط الفقر بلا مقومات دولة (الزراعة، الصناعة، البنى التحتية، الخدمات العامة).
▪ بدأت حلقات تآمر الإنقلابيين التموزيين الساديين من الزراعة وهجرة الفلاحين من الريف إلى المدينة بسبب تداعيات قانون "الإصلاح الزراعي" القاسمي سيء الصيت الذي اغتصب الأرض من ملاكها الذين احيوها وسلمها إلى ملاك جدد بلا مقومات دعم تجعلهم قادرين على إدارة هذا الملف المعقد، الإنقلاب التموزي الأسود كان سبباً أولاً في تردي الزراعة داخل العراق وخصوصاً في مناطقنا الجنوبية، والتردي الزراعي أعقبه تغير ديمغرافي حطم صورتي الريف الجميلة والمدينة الحضرية، إذ غاب الريف وتراجعت المدينة، ولم نحتفظ بريف جميل ولا بتخطيط مدني حضري..
الصراعات في العهد الإنقلابي الجديد تصاعدت وتيرتها بشكل ملحوظ وتهدد السلم المجتمعي إلى حد الإقتتال الداخلي، من هنا بدأ "السحل" والتسحسل ولم ينته إلى يومنا هذا..
قاسم لم يكن لصاً -هو قاتل بجدارة- لكن مَن سبقوه ليسوا لصوصاً أيضاً الملوك رحمهم الله ووزرائهم ليسوا لصوصاً، ومَن أتوا بعده وقد أسس لمجيئهم هم لصوص هذا البلد الذين عاثوا فيه الفساد..
▪ لقد خسرنا الحقبة الملكية التي لم تكن مثالية وفيها ما فيها من الأخطاء التي يمكن تصحيحها بطريقة أخرى غير تلك التي دُفع لها مجموعة من الضباط الذين أرتبطوا بعلاقات خيانية ضد العراق، وساهموا بشكل فاعل في طائفية نظام الحكم أكثر من ذي قبل، كما ساهموا في إذكاء نعرات أخرى نتجرع مرارتها الآن..
رحم الله الملك فيصل الثاني ولعن الله قاتليه.
https://telegram.me/buratha