عباس العطار ||
يُشيد الكثير بالتجربة الملكية ويعدها من إشراقات الدولة العراقية في تطبيق النموذج الديمقراطي، ويعجب آخرون بانموذج عبد الكريم قاسم كونه انهى حقبة التسلط الملكي، في حين يقول بعض المؤرخون ان حكومة الاخوين سلام وعبد الرحمن عارف محطة تمهيدية لتولي حزب البعث زمام الحكم في العراق.. ذلك الحزب الذي بدأ مرحلته الأولى الى ترسيخ جذور الفكر البعثي العروبي، و اقصاء القوى والتيارات الفكرية الأخرى، وهذه هي معتقدات الحزب وأدبياته وجذره الفكري الاقصائي الهادف الى تبعيث الامة العراقية والعربية، مجسدا اياها في شعاره المعروف " امة عربية واحدة ... ذات رسالة خالدة" وأهدافه المعلنة " وحدة .. حرية .. اشتراكية ".
هذا السرد التاريخي مدخل يبين خرافة الدولة العراقية بحسب مزاعم المؤرخين ممن كتب التاريخ بلسان السلطات، وهو جواب لغير الأمناء ممن كتب التاريخ وكان سبباً رئيساً في خداع الأجيال.
وهنا نود الاحتكام الى فرضيتين:
الأولى تقول: لو كان للعراق دولة لما هذا الصراع الدامي المستمر؟
الفرضية الثانية تقول: لو كان هناك دولة حقا لانتقلت السلطة سلمياً دون قتل وثقافة السحل في الموروث الانقلابي.
اذا نحن امام واقع ولسنا بحاجة الى إيضاح أكثر مما تثبته الوقائع التاريخية.
يُستَخلص من هذا ان هذه النماذج بايجابياتها او سلبياتها هي أقرب الى مؤسسة سلطة وليس مؤسسة دولة.
وان يحتج أحد ويقول كان هناك دولة ودستور وانتخابات ايام الحكم الملكي: سيقول قائل ان كل الحكومات المتتالية فيها دستور وانتخابات شكلية ايضا.. حتى حزب البعث المعروف بمنهجيته الديكتاتورية كان له دستور وانتخابات .. لكن هذه نماذج او شكل من أشكال هيمنة المتسلطين لا ترقى الى مستوى الدولة.
اما تجربة ما بعد ٢٠٠٣ فهذه لا يصح ان يطبق عليها الفرضيتان، وان طبقت مبدأ التداول السلمي للسلطة وانتخابات تشريعية، لكنها نموذج سيء ولد مشوهاً خالي من قواعد واساسيات الديمقراطية، مع غياب النوايا والدافعية عند الأحزاب السياسية الى تأسيس دولة مؤسسات أساسها المواطنة لا المكونات التي تسببت بخراب البلد وافلسته بين فسادها وفشلها.
يبقى الأمل معقود بمن يطالب بالتغيير السلمي، معتمدا على مشروع قانون الانتخابات الجديد، الذي اعتمد الدوائر المتعددة والانتخاب الفردي، قد يكون منتجا لطبقة سياسية جدسدة، ممكن ان تقدم نموذج صحي يؤسس للدولة على أساس المواطنة، مشروطا بمشاركة انتخابية واسعة وواعية، تدفع بالكفاءات الوطنية المستقلة الى ادارة الحكم حتى تتمكن من معالجة الملفات السياسية الداخلية وبناء العلاقات الدولية على وفق التوازن المطلوب، مع ادارة علمية للملفات الاقتصادية والخدماتية بشكل مهني بعيد عن السياسة وتدخلاتها.
A.G.alattar
https://telegram.me/buratha