محمّد صادق الهاشميّ||
مجرّد أن تلقّى الوسط العراقيّ بمختلف شرائحه ومثقّفيه أنباء تصريحات الإمام الخامنئي عند استقباله الكاظميّ واستقبال إيران له بترحيب كبير, والذي يعكس اهتماماً واضحاً فضلا عن تصريحات الطرفين من الحكومة العراقية والإيرانية حتّى انطلقت الأقلام ووسائل الإعلام إلى طرح أسئلتها وأفكارها وتفسيراتها .
يتّجه الرأي إلى أنّ طبيعة الزيارة والاهتمام والنتائج التي ترتّبت عليها والتي عكست حقيقةً مفادُها أنّ الكاظمي يترسّم خطى مَنْ سبقه لإقامة وإدامة العلاقة العميقة مع الجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة, ويبني على النتائج الأولى, فمن يقارن بين زيارة الكاظميّ ومَنْ سبقه يجد ذات المحاور التي أكّدها الطرفان وبنيا عليها في مجال الأمن والطاقة والتبادل التجاري، بل توجد مؤشّرات أنْ يرتفع سقف التبادل التجاري أكثر ,ومن هنا نجد أنه لامجال للقول – برأي البعض- : إنّ الكاظميّ واقعٌ تحت تأثيرات الخليج وأمريكا في تنفيذ سياسية «قطع أو تقليص العلاقات مع إيران»، وانتهت الأقاويل التي تذهب إلى أنّ مباني الكاظميّ في علاقته الخليجية تقوم على أساس «خطوة نحو الخليج وخطوة إلى أخرى نحو إيران».
فالخطاب الإيراني نحو العراق منذ تأسيس العملية السياسية كان واقعياً وثابتاً في دعم العراق, وقد تمكّنت إيران من أنْ تبني عمقاً في جدار الدولة العراقية عبر (17) عاماً، وتؤسس إلى دورٍ مهمٍّ في إسناد الدولة العراقية، وإقامة العلاقات، وربط الصّلات، وإنْ مرّت بتضاريس معقّدة ,ممّا يشكّل كمّاً تراكميّاً في العلاقات الايجابية، وخطّاً بيانيّاً جعل إيران في مرحلةٍ متقدّمةٍ قياساً إلى الخليج الذي مازال يراوح في الأرقام الصفرية، وأمّا أمريكا فقد مثّلت سياستها إلى الآن دولة احتلال، ولازمت هذا الدور، ولم توازنه في تقديم إصلاحات أو خدمات أو إعمار ملموس للمواطن العراقيّ، لذا فإنّ الكاظمي ومن يليه يجد الدور الإيرانيّ واقعيا في العراق، ولا يشاء إلّا أنْ يبني عليه، سيّما العراق في ظرف لا يتسع المجال لديه إلى إلّا اغتنام الفرص الجدّية .
وهذا الواقع هو الذي يفسّر نجاح زيارة الكاظميّ إلى الجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة، وليس ما ذهب إليه البعض، بأنّ ظروف إيران الداخلية الاقتصادية أملت عليها «الواقعية» فتلك نظرة أهملت المنجزات بين البلدين وعمق العلاقات، وجرّدت التحليل عن واقعيته، فمَنْ يعتقد أنّ إيران تحاول فكّ الحصار عنها، ومعالجة الضعف، ومغادرة السياسية السابقة، فعليه أنْ يدقق في خطاب الإمام الخامنئي إلى الكاظميّ، وهو راسم الثوابت والاستراتيجيات في إيران وعلاقاتها الخارجية .
نعم إيران كانت وما زالت تعتمد سياسة بناء الدولة العراقية، وتعتقد أنّ هذا الأمر يعتمد على مقدّماتٍ أوّلها ترحيل الاحتلال الأمريكيّ، وبطبيعة الحال فإنّ بناء الدولة لا يتم إلّا بدعم الحكومات، وجعل المقاومة بوضع طولي معها ليمنحها ورقة القوّة في المفاوضات.
اذن ايران مع عراق الدولة، والسيادة.
من اللافت ان تاريخ زيارة الكاظمي وعادل عبدالمهدي الى ايران بذات التاريخ.
الأربعاء : 22 / 7 / 2020م .