محمد صادق الهاشمي ||
"لا كهرباء يوماً"
لو أرسلنا فريقاً لعقد مع محطات كهرباء،
مكوناً من النبي موسى وعيسى ومحمد،
ومن غاندي ومانديلا وجيفارا مع فريق من الرهبان المنعزلين،
والصوفيين والزهاد،
لن تحصلوا على كهرباء حقيقية يوماً،
لان القصة في الاصل ليست قصة فساد فحسب،
بل قصة نظام سياسي،
وهناك قرار أمريكي يعود لسنوات الاحتلال الاولى
في ألا يكون للعراق كهرباء حقيقية ولا حياة حقيقية،
لكي يبقى تحت السيطرة والتحكم والنهب الدولي،
ومن لا يصدق عليه البحث عن مدرسة صبيان شيكاغو Chicago Boy،
ومؤسسها الاقتصادي ملتون فريدمان الحائز على جائزة نوبل،
وهي المدرسة التي تنخر في أسس البناء الاقتصادي
التي يقف المجتمع فوقها ومع الوقت يتآكل وينهار،
وهي المدرسة التي أسقطت الاتحاد السوفيتي وحكومة تشيلي
بقيادة الرئيس سلفادور الليندي وقتله في انقلاب دموي،
وأسقطت بوليفيا والارجنتين وهدمت المجتمع العراقي من خلال
ابادة وحشية بعنوان الحصار في التسعينات واليوم قانون قيصر
الوحشي في سوريا.
لو أرسلنا كل شرفاء العالم لشراء محطات توليد كهرباء،
فسوف يتم تخريب او تعطيل العقود بطرق الابالسة التي لا يعرفها
غير خبراء الاقتصاد وفضحها بعض الكتاب،
بطرق ملتوية مصرفية او مافوية او سياسية،
تحت جنح الظلام وخلف الكواليس،
لكن لجنة الشراء لا ترى أحداً على الاطلاق،
في عالم تتحكم به البنوك والمافيات والمنظمات السرية،
والعراقي تعلم على العنف الأهوج الفج والمباشر،
ولا يعرف الدروب الماكرة في الدمار.
الكهرباء ليست مادة جامدة بل هي منظومة من مشاعر وعواطف
وأفكار وطموحات ومستشفيات ومصانع،
ونقل وصيانة وطب وعلوم ومدارس،
وتدخل في صميم الحياة الخاصة والمشاعر الشخصية،
وبلا كهرباء لا صناعة ولا تجارة ولا زراعة ولا مشاعر انسانية
ولا حداثة ولا تنمية ولا علوم ولا مدارس
أي الشلل السري،
ومن الغرائب أن العراقي يتذكرها في الصيف فقط.
اذا توفرت لك الكهرباء اليوم ستطلب غداً الماء النقي،
وبعده تريد المدرسة والحديقة والمستشفى والنظافة،
واذا توفرت لك هذه ستطالب بحق السكن وحق العلاج
والحق في نظام سياسي تداولي والحق في محكمة عليا مستقلة،
والحق في انتخابات حرة نزيهة والحق في أن تكون سيداً
على أرضك وثروتك وسلطتك،
لكن عليك أن تقضي اليوم ربع قرن لكي تحصل على نصف كهرباء،
وربع قرن على ماء نقي،
وتموت أنت وأحفادك بلا نظام سياسي حقيقي،
ولا سيادة على ثروة،
فكيف تمنح ثروة لك هي كنز عثر عليه لصوص؟
لن تكون للعراق كهرباء ولا حياة حقيقية،
ولا داعي للنصائح الساذجة والاقتراحات الصبيانية،
إرسلوا حواريي المسيح بقيادة الامام علي بن أبي طالب
أمير الفقراء لعقود كهرباء،
لكن في العتمة تنتظركم مدرسة صبيان شيكاغو،
وفي العتمة خبراء المصارف وأحدث الحواسيب،
وستتم عرقلة العقود بل سرقتها،
من قبل أشباح الظلام.
لن تحصلوا على كهرباء يوماً،
لأن القصة في النظام السياسي المرتهن،
ونحن نبحث في المكان الخطأ.
https://telegram.me/buratha