محمد صادق الهاشمي
آب - 2020
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في تسعينيات القرن الماضي، أخذ الإعلام الأميركي في زمن الرئيس السابق ريغان، والمسؤولين في الولايات المتحدة الأميركية الكبار يرددون اصطلاح (العالم الجديد)، كرروا هذا الاصطلاح (213) مرة، وكانوا يبشرون لفرض (قطبيّة أحاديّة) تتموضع خارج أميركا بقدر ومساحة أكبر بعد أن كُسِرَت القطبية الثنائية، وهذا هو قصدهم، وهذه النظرية أخذت طريقها وفُعِّلَت بحاكمية اليمين المتطرف في أميركا، ولفرض سياسة خارجية أحادية؛ والتي أنتجت انتقال أميركا إلى الشرق الأوسط بقدر أكبر بعد انحسار الاتحاد السوفيتي، ودُمِّرَت قدرات الروس الاقتصادية، وقد احتلت أميركا مساحات أوسع في أوروبا الشرقية، وكان (حلف النيتو) عدد أعضائه قبل (العالم الجديد) يبلغ حدود (15) دولة، إلا أنه تحول بعدها مرتفعًا إلى (51) دولة، ثم تلتها أحداث سبتمبر؛ ليحتل اليمين الأميركي المتطرف أفغانستان، ثم ينتقل الوجود الأميركي إلى الخليج بقدر أكبر، ثم احتلال العراق.
الآن يروج الرئيس الفرنسي ماكرون إلى التحقيق الدولي في حادث انفجار مرفأ بيروت، ويكون الموضوع الأساس في جدول أعماله خلال زيارته بيروت، ويرافقه شعار يرفعه الإعلام الغربي: (لبنان قبل الانفجار ليس كما بعده)، وموكدًا أنهم يهدفون إلى النتائج التي يأتي بها مشروع ماكرون (التحقيق الدولي)؛ لتجري الرياح بما لا تشتهي سفن المقاومة، ويدفع العملاء في داخل لبنان إلى رفع عقيرتهم بهذا الاتجاه، وتتضامن معهم منظمات دولية صهيونية، وبعد عودته - ماكرون - إلى فرنسا يصرح أنه (بصدد عقد مؤتمر دولي لتدارس تقديم المساعدات إلى لبنان بشرط الإصلاحات السياسية الداخلية).
ويحاول إقناع المجتمع الدولي بأنْ يكون التحقيق دوليًا؛ ولأجل هذا أجرى اتصالًا مع الرئيس الأميركي ترامب، مما جعل السيد حسن نصر الله يطالب بأن يكون التحقيق من خلال مؤسسات لبنان، وكذلك يصرح ميشيل عون بضرورة أن يكون التحقيق لبنانيًا.
من هنا علينا أنْ نحذر ونراقب لعبة ماكرون وما يطرحه من اصطلاح أيديولوجي وهو: (التحقيق الدولي)؛ ليجعل بيروت تحت سيطرة الخارج، وهو عازم بعد عودته إلى باريس لمن يتابعه أن ينسج خيوط اللعبة، وهذه خطة لمعاقبة ومحاصرة حزب الله لبنان بعد أنْ فشل الخارج بتجريم حزب الله في قضية الحريري.