المقالات

ما مربوط بمضيف

2300 2020-09-24

 

واثق الجابري||

 

أرخوا أحزمتهم وأنزلوا فوهات البنادق، في مدينة الكاظمية عندما وصلوا بالقرب  من  ضريح الإمام الكاظم عليه السلام.

هكذا يفعل الجنود أو يؤمرون وهم يمرون من أمام مرقد مقدس، وقائد سواء كان حياً أو ضريحاً، وجرت  العادة عند كل الشعوب، إبداء الإحترام لما يقدسه ويحترمه المجتمع، وحين تطورت الدبلوماسية، صار لها ملحقات ثقافية وإقتصادية وعسكرية، ليعمل كل ضمن اختصاصه، بل تعدى ذلك إلى اختيار  شخصيات درست قيم هذا المجتمع وعاداته وتقاليده ولغته، وما فعله السفير الياباني بارتداء الزي العربي والعقال وتكلم بمفردات عراقية، إلاّ  جزءاً من كسر الحواجز مع المجتمع العراقي والتقرب منه أكثر.

سعى كثير من الدبلوماسيين إلى زيارة المرجعية الدينية وحضور الدواوين العشائرية ومشاركة الطقوس الدينية ،ومنها شعائر محرم، كفعل ناجم من فهم واقعي إلا أن هذه المرتكزات الثلاثة من أهم مقومات الدولة العراقية وهويتها الرئيسة، رغم تنوع الطوائف والقوميات والأديان، ومنذ ثورة العشرين ما تزال راسخة إلى اليوم، وخير مصداق هوالحرب على داعش؛ وقد أطلقت المرجعية فتواها ولبت العشائر، ومن وحي الشعائر الحسينية؛ هَبَّ ملايين المتطوعين، في أروع صور  العمل الطوعي  والتضحية والكرم.

لو قارنا الفعل الحكومي الأخير تجاه عشائر الناصرية، لتعرضنا للإنتقاد الشديد، فلو كان الفاعل دبلوماسياً من بلاد بعيدة، لقلنا يجهل تقاليد وقيم المجتمع العراقي، ولكن ذلك لا يمنع الإعتراض والتصادم معه،  حين تجاوز ثوابت المجتمع التي لا يتخلى عنها مهما تقادم الزمن، أو بلغ الشخص من درجة علمية وإجتماعية وموقع في السلطة، فأنه يعود لتلك المرتكزات الثلاثة ذات يوم.

لا يمكن مقارنة الدول في تقدمها وتخلفها، أو احترامها للقانون والتمرد عليه، بالتخلي عن قيمها الثابتة التي ملأت فراغات غياب الدولة. وللعشيرة العراقية دور مهم بحل النزاعات المجتمعية وصولاً إلى أدق تفاصيل العائلة، وبناء التكافل الإجتماع وتوزيع العمل ومصادر العيش كالمياه والأراضي، وترتبط تلك بجذور الشعائر الحسينية، ومنها قدمت دروساً لا مثيل لها في أرض المعمورة، وعلى الأقل بالأمس القريب في حرب العراق على داعش؛ آلاف الصور التي تتجلى فيها أسمى القيم الإنسانية، التي تصلح  كثوابت مقدسة بفعلها وشخوصها، وتتفاخر الأجيال بأبطالها.

إن مخاضات التجارب العراقية تستند إلى هذه المرتكزات، التي تتكامل ببعضها، ومنها يمكن الإنطلاق لبناء دولة وإعادة هيبتها، وهذا يفرض على العاملين في سلك السياسة أن يتوقفوا عند حدودها باحترام، فهي تؤطر المشهد العراقي وتضع أسس الدولة، والإحتكاك بها سيؤدي إلى تفكك المجتمع، وإدخاله في فوضى لا تتوقف إذا فقدت الدولة ثوابها، لذا  كان وما يزال للمضيف والديوان احترامه وقوانينه، فلا يدخله شخص وبيده مسبحة أو غيرها، ولا بملابس غير محترمة، ولا يسمح بالعلك أو الكرزات فيه، ويترتب الأشخاص حسب الأعمار والمنزلة الإجتماعية، ولا يدخله شخص بحذاء، ولا يُعطى المُستجير به، لذا يُقال  لشخص سيئ الأدب: "ما مربوط بمضيف".

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك