المقالات

ما مربوط بمضيف

2758 2020-09-24

 

واثق الجابري||

 

أرخوا أحزمتهم وأنزلوا فوهات البنادق، في مدينة الكاظمية عندما وصلوا بالقرب  من  ضريح الإمام الكاظم عليه السلام.

هكذا يفعل الجنود أو يؤمرون وهم يمرون من أمام مرقد مقدس، وقائد سواء كان حياً أو ضريحاً، وجرت  العادة عند كل الشعوب، إبداء الإحترام لما يقدسه ويحترمه المجتمع، وحين تطورت الدبلوماسية، صار لها ملحقات ثقافية وإقتصادية وعسكرية، ليعمل كل ضمن اختصاصه، بل تعدى ذلك إلى اختيار  شخصيات درست قيم هذا المجتمع وعاداته وتقاليده ولغته، وما فعله السفير الياباني بارتداء الزي العربي والعقال وتكلم بمفردات عراقية، إلاّ  جزءاً من كسر الحواجز مع المجتمع العراقي والتقرب منه أكثر.

سعى كثير من الدبلوماسيين إلى زيارة المرجعية الدينية وحضور الدواوين العشائرية ومشاركة الطقوس الدينية ،ومنها شعائر محرم، كفعل ناجم من فهم واقعي إلا أن هذه المرتكزات الثلاثة من أهم مقومات الدولة العراقية وهويتها الرئيسة، رغم تنوع الطوائف والقوميات والأديان، ومنذ ثورة العشرين ما تزال راسخة إلى اليوم، وخير مصداق هوالحرب على داعش؛ وقد أطلقت المرجعية فتواها ولبت العشائر، ومن وحي الشعائر الحسينية؛ هَبَّ ملايين المتطوعين، في أروع صور  العمل الطوعي  والتضحية والكرم.

لو قارنا الفعل الحكومي الأخير تجاه عشائر الناصرية، لتعرضنا للإنتقاد الشديد، فلو كان الفاعل دبلوماسياً من بلاد بعيدة، لقلنا يجهل تقاليد وقيم المجتمع العراقي، ولكن ذلك لا يمنع الإعتراض والتصادم معه،  حين تجاوز ثوابت المجتمع التي لا يتخلى عنها مهما تقادم الزمن، أو بلغ الشخص من درجة علمية وإجتماعية وموقع في السلطة، فأنه يعود لتلك المرتكزات الثلاثة ذات يوم.

لا يمكن مقارنة الدول في تقدمها وتخلفها، أو احترامها للقانون والتمرد عليه، بالتخلي عن قيمها الثابتة التي ملأت فراغات غياب الدولة. وللعشيرة العراقية دور مهم بحل النزاعات المجتمعية وصولاً إلى أدق تفاصيل العائلة، وبناء التكافل الإجتماع وتوزيع العمل ومصادر العيش كالمياه والأراضي، وترتبط تلك بجذور الشعائر الحسينية، ومنها قدمت دروساً لا مثيل لها في أرض المعمورة، وعلى الأقل بالأمس القريب في حرب العراق على داعش؛ آلاف الصور التي تتجلى فيها أسمى القيم الإنسانية، التي تصلح  كثوابت مقدسة بفعلها وشخوصها، وتتفاخر الأجيال بأبطالها.

إن مخاضات التجارب العراقية تستند إلى هذه المرتكزات، التي تتكامل ببعضها، ومنها يمكن الإنطلاق لبناء دولة وإعادة هيبتها، وهذا يفرض على العاملين في سلك السياسة أن يتوقفوا عند حدودها باحترام، فهي تؤطر المشهد العراقي وتضع أسس الدولة، والإحتكاك بها سيؤدي إلى تفكك المجتمع، وإدخاله في فوضى لا تتوقف إذا فقدت الدولة ثوابها، لذا  كان وما يزال للمضيف والديوان احترامه وقوانينه، فلا يدخله شخص وبيده مسبحة أو غيرها، ولا بملابس غير محترمة، ولا يسمح بالعلك أو الكرزات فيه، ويترتب الأشخاص حسب الأعمار والمنزلة الإجتماعية، ولا يدخله شخص بحذاء، ولا يُعطى المُستجير به، لذا يُقال  لشخص سيئ الأدب: "ما مربوط بمضيف".

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك