◾محمد صادق الهاشمي || 2020-10-2 دعوة المرجعية وتأكيدها على الانتخابات المبكرة قد لا تأتي بجديد؛ فكثير من القوى الشيعية تبني خنادق، وتتعمق أكثر، وتشتدّ الفواصل بينها لدرجةٍ لا يمكن لطرف أنْ يسمع رأي الطرف الآخر، فبين الخلاف بينها في علاج الموقف وبين إمكانية وصول طبقة سياسية جديدة جدلياتٌ كثيرة. وفي خِضَمّ الخلافات والجدل نجد أنَّ المشهد السياسي الآن والمستشرف منه ما يلي: أولًا: فيما يتعلق بالانتخابات القادمة يبدو أنّ الرأي العام الشيعي فَهِم مع قطع النظر عن تفاصيل هذا الفهم أنَّ الساحة الشيعية منشطرة بين: تيار تقوده المرجعية، وتيار الأحزاب الشيعية الإسلامية وغيرها، ويقف في الوسط أو يحاول أنْ يتموضع بينهما تيار شيعي ثالث يحاول الانتماء إلى حركة التظاهرات. وخلاصة القول في هذا الأمر إنَّ سقوط حكومة عادل عبد المهدي وما تلاها من متغيرات؛ لا يعني أنَّ ما قبل عادل كما هو بعده، وصولًا إلى الانتخابات القادمة التي تعني أنَّ صوت المرجعية حتمًا لا يشمل الناخب الحزبي، بل يشمل الأغلبية الصامتة هكذا يشاع ، و لا يذيع أحدٌ سرًا لو قلنا إنَّ الانتخابات القادمة سوف تعني وتؤشر إلى (مرحلة انتقال) تشرف عليه المرجعية؛ لكن هذا الأمر يعتمد على وعي النخب الصامتة وفاعليتها وقدرتها على تنظيم شأنها. وفي ظل هذا الواقع يمكن القول بأنه لا تؤثر دعوة المرجعية في النتائج الانتخابية مستقبلًا؛ كون الأرض الانتخابية مُوَزَّعة بمساحات محددة بين الأحزاب تقل هنا، وتزيد هناك لمصلحة الأحزاب، أمّا استنهاض المرجعية للطبقة الصامتة فيحتاج إلى تنظيم كثير منها وهو غير ممكن، أو من الطبقة الشعبية نفسها وهو غير موجود عمليًا. ثانيًا: المساحات الانتخابية الشيعية شهدت متغيرات جديدة، فالحكمة قد تتسع مساحتها؛ كونها تحاول أنْ تلامس بخطابها خطاب المتظاهرين؛ وكونها رتبت شأنها من الآن بتحالف (عراقيون). ومن المؤكد أنَّ مساحته تتسع، ومعه تتسع مساحة الكاظمي كذلك. أمّا سائرون والفتح فيحافظون على العدد ذاته، أو يزيد أحدهم على الآخر. إلا أنَّ الزيادات لا تكون مؤثرة في رسم الخارطة السياسية وتشكيل الحكومة؛ لتساوي العدد والناتج الانتخابي الحزبي. الجدير بالذكر هو عدم التعويل على الأغلبية الصامتة وتوجهاتها ومشاركتها. وعليه فإنَّ بقاء الطبقة الحزبية هو الظاهر في المشهد السياسي الآن ومستقبلًا؛ فالحكمة يمكن أنْ تقترب من (35-40) مقعدًا، ومثلهم الكاظمي الذي يأخذ من مساحات الأغلبية الصامتة، وتزيد قليلًا الفتح، وربما بالعدد نفسه وأكثر سائرون، لكن الذي يشكل الحكومة هو الأكبر عددًا وأكثر تماسكًا. ثالثًا: من يعول على الأغلبية الصامتة إنما يعول على المجهول؛ فالشارع منقسم إلى تيارين لا ثالث لهما: التيار الأول: يمثل التيار الحزبي، ويشمل الأحزاب الشيعية كلها؛ الإسلامي منها والمدني وغيره. التيار الثاني: تيار الأغلبية الصامتة التي تعاني عدم التنظيم، مع أنها يُعقَد عليها أمل المرجعية في أحداث التغيير. ومن هنا يبدو أنَّ الانتخابات القادمة لا تأتي بطبقة سياسية جديدة؛ بقدر ما تؤدي إلى تغيير مواقع الأحزاب المشاركة بالحكم، وتبادل للأدوار. رابعًا: من يتمكن أنْ يوسع مساحته الانتخابية هو من يتحرك على الأغلبية الصامتة؛ فهي المحور الأساس في المستقبل، فإنْ تحركت تلك الطبقة فإنَّ خارطة انتخابية جديدة ستظهر، وإلا فإنَّ العودة إلى مربع الأحزاب هو المتعين. غاية ما يحصل هو ظهور تياران شيعيان حزبيان؛ أحدهما يُمثل اليمين والآخر يُمثل اليسار، ولأجل ذلك تكون النتيجة الانتخابية عودة إلى الأحزاب ذاتها مع زيادة تيار جديد. ◾ المؤكد أنَّ تشكيل الحكومة لا يكون نتيجة تقررها الانتخابات؛ بل الظروف القائمة ما بعد مرحلة عادل عبد المهدي.
https://telegram.me/buratha