المقالات

إغلاق السفارة وإنعكاسه.. أمريكياً

1679 2020-10-09

  واثق الجابري||

 

أبلغ الرئيس العراقي برهم صالح خلال إجتماع الرئاسات مع قادة  الكتل السياسية؛ عن نية الولايات المتحدة الأمريكية إغلاق سفارتها في بغداد أو نقلها إلى أربيل، في حال إستمرار ضربات الكاتيوشيا عليها ومحيطها..  كأن الرئيس حمل معه رسالة تهديد لبعض القوى السياسية، مع تحذير من عواقب إغلاق السفارة، فيما نفى وزير الخارجيةالأمريكي تبليغه ذلك للرئيس.. وعلى أثر تلك التصريحات الإعلامية تواردت التكهنات، هل فعلا هناك نية لإغلاق السفارة، أو أن الرئيس أجتهد في تصريحه؟ أم أن وزير الخارجية تراجع عن تهديده؟! وهل لذلك أثر في الرأي العام الأمريكي وتأثير على إنتخاباتهم القريبة؟  قراءات مختلفة "لنية" أمريكا إغلاق سفارتها، وكلها تتحدث عن ما يحصل للعراق من عزلة دولية أو عقوبات أمريكية، وما يترتبت عليه من إلتحاق سفارات وقنصليات بالموقف الأمريكي، وتتحدث من جانب واحد وربما زادت من شعرها أبياتاً، وأضافت التهويل ومخاطر الحصار الإقتصادي والمستقبل المجهول للبلد، ولم تقرأ أثر إغلاق السفارة على الإنتخابات الأمريكية وموقع أمريكا من العالم.. أبرز التحليلات لا تبتعد عن إرتباط الأفعال الأمريكية الخارجية بأوضاعها الداخلية، وقبيل كل إنتخابات تتضح ملامح التهدئة وضرورة عدم خسارة أي جندي، وكذلك عدم خسارة حلفائها كالعراق، سيما وأن البلدين يخوضان مفاوضات إستراتيجية، يمكن أن تعود خلاصتها بنفع للجانب الأمريكي سياسيا وإقتصادياً وعسكريا، وتمنع نفوذ دول أقليمية كأيران وكبرى كروسيا والصين وفرنسا وألمانيا، وكل هذا لإحتواء الرأي العام الأمريكي ولمكاسب إنتخابية للرئيس ترامب.  ثابت في العراق أن تنصيب القادة أو بقائهم بالحكم يحتاج للموافقة الأمريكية، أو القبول بالشخصيات المرشحة للمناصب العليا، وهذا الانطباع إنعكاس مجتمعي بظن الرضا الأمريكي لإستقرار للدولة، وأن السير ضده سيعرض العراق للأخطار، في إدانة واضحة للأمريكان بأنهم حينما لا يجدون حكومة تتبعهم سيعسون لزعزعة إستقرار البلد، وهذا لا ينفي سعي المرشحين للرئاسة  لإعتماد سياسة خارجية ذات تأثير نافذ في العالم، وإلاّ عكس ذلك يعني ضعف الرئيس.. وكأن الشعب الأمريكي ينظر إلى قوة دولته بالهيمنة الخارجية وما لذلك من إنعكاسات سياسية وإقتصادية، ولكن دون تقديم خسائر، وما بعد الخسائر في العراق.. فالانسحاب يعني الهزيمة، قبال إعتبار  مناطق النفوذ جزء من الحفاظ على الأمن القومي الأمريكي.  حرصت الرئاسات الأمريكية على التهدئة الخارجية والداخلية قبيل كل إنتخابات، ومنها تغير الاستراتيجيات والخطط البديلة وتقليل الخسائر، إلاّ أن ذلك لا يطابق الواقع بعينه، بل هي مجرد أفكار إنتخابية وبعدها يعود العمل المؤسسي المبنى على توسيع النفوذ العالمي، وما هذا التراشق والتلاسن الإعلامي بين مرشحي الرئاسة، إلاّ سعي للفوز وإرضاء للرأي العام الأمريكي، ويمكن منها للرئيس الفعلي استخدام صلاحياته بسحب بعض من القوات المنتشرة في العالم، أو تحرك دبلوماسي يظهر قدرة أمريكا على المناورة، وسيكون ترامب أشرس في حال الفوز بولاية ثانية. إن التنويه أو التهديد بإغلاق السفارة في بغداد، جاء نتيجة ضربات متلاحقة تتعرض لها، ولحد الآن لم تعرف أو تفصح الحكومتان العراقية والأمريكي عن الجهات الفعلية التي تقوم بذلك، ولكن حكومة الأخيرة تشير إلى مليشيات وبإتهام غير مباشر لإيران، لذا فأن الإنسحاب سيفهمه الشعبان العراقي والأمريكي؛ أنه إستلام لتلك الضربات والسماح للنفوذ الأيراني الذي تقول تدعيه  أمريكا في العراق.. بل حتى الرأي العام الأمريكي سوف ينظر إلى إعادة الجنود الأمريكان إلى قواعد بعيدة ومحصنة، يأتي من خطر حقيقي تتعرض له القوات الأمريكية، وهذا ما يضعف موقف الرئيس ترامب، الذي عرف عنه بشراسة وتطرف المواقف، وبذلك يصح إتهام منافسه بايدن بالكذب، والتراجع يعني خسارة وهزيمة وسماح لنفوذ دول أخرى في مقدمتها أيران.  التلويح بغلق السفارة مجرد دعاية إنتخابية أمريكية، وإختبار للحكومة العراقية وجس لنبض بعض القوى السياسية في العراق، لأن  غلق السفارة يعني تراجع الوجود الدبلوماسي الأمريكي في العراق، وغلق لأكبر سفارة لها في العالم، وهذا ما يضعها في حرج عالمي ونهاية لنفوذها في الشرق الأوسط، وهذا ما لا يمكن أن تفعله، ولن يتجرأ أحد المرشحين على فعله، وإغلاق السفارة ستكون له إنعكاسات سلبية على الولايات المتحدة الأمريكية داخلياً وخارجياً، وأما العراق فأنه سيفك عقدة وجود النفوذ الأمريكي، أو الصراعات وتصفية الحسابات الدولية على أرضه.  أمريكا ليست بذلك الغباء لتقوم بغلق سفرتها والاستلام للجانب الأيراني، بعد كل الخسائر التي قدمتها سياسياً وعسكرياً، وتكون المتضرر الأكبر والأكثر من العراق، ولن تتأثر السفارات الأخرى والدبلوماسيات، لأن أستهداف المنطقة الخضراء سينتهي بإغلاق السفارة، وستبحث تلك الدول عن مصالحها بعيداً عن الولايات المتحدة الأمريكية، التي تنافسها أو تضيق على وجودها في العراق.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك