المقالات

إغلاق السفارة وإنعكاسه.. أمريكياً

1776 2020-10-09

  واثق الجابري||

 

أبلغ الرئيس العراقي برهم صالح خلال إجتماع الرئاسات مع قادة  الكتل السياسية؛ عن نية الولايات المتحدة الأمريكية إغلاق سفارتها في بغداد أو نقلها إلى أربيل، في حال إستمرار ضربات الكاتيوشيا عليها ومحيطها..  كأن الرئيس حمل معه رسالة تهديد لبعض القوى السياسية، مع تحذير من عواقب إغلاق السفارة، فيما نفى وزير الخارجيةالأمريكي تبليغه ذلك للرئيس.. وعلى أثر تلك التصريحات الإعلامية تواردت التكهنات، هل فعلا هناك نية لإغلاق السفارة، أو أن الرئيس أجتهد في تصريحه؟ أم أن وزير الخارجية تراجع عن تهديده؟! وهل لذلك أثر في الرأي العام الأمريكي وتأثير على إنتخاباتهم القريبة؟  قراءات مختلفة "لنية" أمريكا إغلاق سفارتها، وكلها تتحدث عن ما يحصل للعراق من عزلة دولية أو عقوبات أمريكية، وما يترتبت عليه من إلتحاق سفارات وقنصليات بالموقف الأمريكي، وتتحدث من جانب واحد وربما زادت من شعرها أبياتاً، وأضافت التهويل ومخاطر الحصار الإقتصادي والمستقبل المجهول للبلد، ولم تقرأ أثر إغلاق السفارة على الإنتخابات الأمريكية وموقع أمريكا من العالم.. أبرز التحليلات لا تبتعد عن إرتباط الأفعال الأمريكية الخارجية بأوضاعها الداخلية، وقبيل كل إنتخابات تتضح ملامح التهدئة وضرورة عدم خسارة أي جندي، وكذلك عدم خسارة حلفائها كالعراق، سيما وأن البلدين يخوضان مفاوضات إستراتيجية، يمكن أن تعود خلاصتها بنفع للجانب الأمريكي سياسيا وإقتصادياً وعسكريا، وتمنع نفوذ دول أقليمية كأيران وكبرى كروسيا والصين وفرنسا وألمانيا، وكل هذا لإحتواء الرأي العام الأمريكي ولمكاسب إنتخابية للرئيس ترامب.  ثابت في العراق أن تنصيب القادة أو بقائهم بالحكم يحتاج للموافقة الأمريكية، أو القبول بالشخصيات المرشحة للمناصب العليا، وهذا الانطباع إنعكاس مجتمعي بظن الرضا الأمريكي لإستقرار للدولة، وأن السير ضده سيعرض العراق للأخطار، في إدانة واضحة للأمريكان بأنهم حينما لا يجدون حكومة تتبعهم سيعسون لزعزعة إستقرار البلد، وهذا لا ينفي سعي المرشحين للرئاسة  لإعتماد سياسة خارجية ذات تأثير نافذ في العالم، وإلاّ عكس ذلك يعني ضعف الرئيس.. وكأن الشعب الأمريكي ينظر إلى قوة دولته بالهيمنة الخارجية وما لذلك من إنعكاسات سياسية وإقتصادية، ولكن دون تقديم خسائر، وما بعد الخسائر في العراق.. فالانسحاب يعني الهزيمة، قبال إعتبار  مناطق النفوذ جزء من الحفاظ على الأمن القومي الأمريكي.  حرصت الرئاسات الأمريكية على التهدئة الخارجية والداخلية قبيل كل إنتخابات، ومنها تغير الاستراتيجيات والخطط البديلة وتقليل الخسائر، إلاّ أن ذلك لا يطابق الواقع بعينه، بل هي مجرد أفكار إنتخابية وبعدها يعود العمل المؤسسي المبنى على توسيع النفوذ العالمي، وما هذا التراشق والتلاسن الإعلامي بين مرشحي الرئاسة، إلاّ سعي للفوز وإرضاء للرأي العام الأمريكي، ويمكن منها للرئيس الفعلي استخدام صلاحياته بسحب بعض من القوات المنتشرة في العالم، أو تحرك دبلوماسي يظهر قدرة أمريكا على المناورة، وسيكون ترامب أشرس في حال الفوز بولاية ثانية. إن التنويه أو التهديد بإغلاق السفارة في بغداد، جاء نتيجة ضربات متلاحقة تتعرض لها، ولحد الآن لم تعرف أو تفصح الحكومتان العراقية والأمريكي عن الجهات الفعلية التي تقوم بذلك، ولكن حكومة الأخيرة تشير إلى مليشيات وبإتهام غير مباشر لإيران، لذا فأن الإنسحاب سيفهمه الشعبان العراقي والأمريكي؛ أنه إستلام لتلك الضربات والسماح للنفوذ الأيراني الذي تقول تدعيه  أمريكا في العراق.. بل حتى الرأي العام الأمريكي سوف ينظر إلى إعادة الجنود الأمريكان إلى قواعد بعيدة ومحصنة، يأتي من خطر حقيقي تتعرض له القوات الأمريكية، وهذا ما يضعف موقف الرئيس ترامب، الذي عرف عنه بشراسة وتطرف المواقف، وبذلك يصح إتهام منافسه بايدن بالكذب، والتراجع يعني خسارة وهزيمة وسماح لنفوذ دول أخرى في مقدمتها أيران.  التلويح بغلق السفارة مجرد دعاية إنتخابية أمريكية، وإختبار للحكومة العراقية وجس لنبض بعض القوى السياسية في العراق، لأن  غلق السفارة يعني تراجع الوجود الدبلوماسي الأمريكي في العراق، وغلق لأكبر سفارة لها في العالم، وهذا ما يضعها في حرج عالمي ونهاية لنفوذها في الشرق الأوسط، وهذا ما لا يمكن أن تفعله، ولن يتجرأ أحد المرشحين على فعله، وإغلاق السفارة ستكون له إنعكاسات سلبية على الولايات المتحدة الأمريكية داخلياً وخارجياً، وأما العراق فأنه سيفك عقدة وجود النفوذ الأمريكي، أو الصراعات وتصفية الحسابات الدولية على أرضه.  أمريكا ليست بذلك الغباء لتقوم بغلق سفرتها والاستلام للجانب الأيراني، بعد كل الخسائر التي قدمتها سياسياً وعسكرياً، وتكون المتضرر الأكبر والأكثر من العراق، ولن تتأثر السفارات الأخرى والدبلوماسيات، لأن أستهداف المنطقة الخضراء سينتهي بإغلاق السفارة، وستبحث تلك الدول عن مصالحها بعيداً عن الولايات المتحدة الأمريكية، التي تنافسها أو تضيق على وجودها في العراق.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك