✍️ إياد الإمارة
▪ ما أحوجنا إلى أن نرتشف من سيرة الإمام علي "ع" وننتهل من هذا المنهل الرباني العذب يقودنا إلى ذلك ويرشدنا عالم بارع وفقيه متبحر سبر أغوار هذه السيرة وجسدها سلوكاً حياً يسير عليه بيننا نراه كما نرى الشمس في رابعة النهار.
عندما يكتب سماحة آية الله العظمى الإمام الخامنئي دام ظله الوارف عن سيرة أمير المؤمنين علي عليه السلام فلهذا الكتابة مذاق خاص، لا لأنه ذلك المفكر الألمعي فقط بل لأنه يعمل وَيتصرف وفق هذه السيرة ونكون بذلك أمام درسين الأول نظري نجده بين الأحرف النورانية في هذه الكتابة، والثاني عملي يجسده هذا العبد الصالح الذي يعيش في كل حركة وسكنة على سيرة أجداده الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
الكتاب (دروس تربوية من السيرة العلوية) للإمام السيد الخامنئي دام ظله الوارف أعده وقدمه لقراء العربية السيد علي عاشور ونشرته مؤسسة التاريخ العربي في لبنان، والكتاب في ٣٥٢ صفة بُوب بطريقة جميلة ليخرج بهذه الحلة القشيبة.
وأنا أدعو القراء الكرام لمطالعة هذا الكتاب للوقوف عند معالم هذه السيرة والإقتداء بها سيما وإن الإمام السيد الخامنئي إختار وبعناية "النطاسي" الماهر مواضيع تمس حياتنا اليومية والأوضاع التي نعيشها الآن.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله الوارف في الصفحة (٧) من الكتاب:"قد تحدث الخطباء والكتّاب والمفكرون والشعراء والنادبون والمادحون لأهل البيت (عليهم السلام)، وجميع المسلمين من الشيعة وغيرهم، وغير المسلمين قرابة ألف وأربعمائة سنة، وسيستمر الحديث عنه إلى أبد الدهر، إلا أن دائرة الكلام حول هذه الشخصية العظيمة من الإتساع بدرجة إذ لو دخلنا من أية زاوية لوجدنا أشياء غير مذكورة"
عناوين هذا الكتاب القيم كثيرة سوف اتوقف عند بعضها بإختصار لأعرض على القارئ الكريم كيف سطر يراع هذا القائد الفذ سيرة أمير المؤمنين علي عليه السلام.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله الوارف إن "البشرية بحاجة إلى خصال أمير المؤمنين عليه السلام" ويعلل ذلك "بأنها خصال لا تُبلى"..
العدالة لا تُبلى، والإنصاف لا يُبلى، والدعوة إلى الحق لا تُبلى، ومقارعة الغطرسة والتجبر لا تُبلى، وإرتباط القلب بالله لا يُبلى..
كما يرى الإمام الخامنئي أن "المعرفة مقدمة للإقتداء بأمير المؤمنين عليه السلام" والأسوة بعد المعرفة.
ويحدثنا الإمام الخامنئي دام ظله الوارف في هذا الكتاب عن آفتين تهددان الدين، الأولى تتمثل في تلوث دين المجتمع أو الفرد:
بالإنحراف
أو اللامبالاة
أو التحجر والجمود
أو تجاهل رسالة العقل.
والثانية هي تفسير الدين بحدود الحياة الفردية، وإهمال مسرح الحياة الجمعية للبشر على سعتها أو يجري السكوت إزاءها والإنزواء عنها.
كما يحدثنا دام ظله الوارف عن خطرين يهددان السياسة:
الخطر الأول/ إبتعاد السياسة عن مكارم الأخلاق وخواؤها من المعنويات والفضيلة مما يعني غلبة الأساليب الشيطانية على السياسة وإستيلاء الأهواء النفسية للأفراد واستحواذ مصالح الطبقات المتجبرة والثرية في المجتمعات عليها وجرفها بهذا الإتجاه أو ذك.
الخطر الثاني/ هو استيلاء ذوي النظرة الضيقة والصبيانيين والضعفاء من الناس على السياسة وخروجها "السياسة" من الأيدي التي تتميز باقتدارها وسقوطها بأيد تعوزها الكفائة.
وأريد أن أختم قرائتي في هذا الكتاب "السفر" حول حديث الإمام الخامنئي دام ظله الوارف عن خطورة الإحتجاب عن الرعية فهو يقول:"الإنقطاع عن الناس أو كما يعبر عنه أمير المؤمنين عليه السلام الاحتجاب عن الرعية في غاية الخطورة، ووصفه (ع) في كتابه لمالك الأشتر ب(قلة علم بالأمور)؛ فالإنسان تضعف لديه المعرفة بالأشياء نتيجة احتجابه عن الناس".