✍️ إياد الإمارة ||
▪ لستُ بالضد من تظاهرات الناس التي خرجت في البصرة ومحافظات عراقية أخرى مطالبة بتوفير الخدمات ووظائف لجيوش العاطلين عن العمل من الخريجين وحملة الشهادات العليا، التظاهرات التي طالبت بمحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين وإيقاف إستأثار فئة قليلة من بعض الطبقة السياسية وذويهم وحواريهم بمقدرات الدولة، وكأن العراق "ضيعة" يتقاسمها آل فلان وحزب فلان وجماعة فلان، ولبقية العراقيين التضحيات والآهات وأوجاع الشكايا التي لا تزال تنخر اجسادهم ولا من نطاسي يطببها ولو بكلمة طيبة.
وأنا في نفس الوقت بالضد من كل الشغب الذي "شوش" على مطالب الناس وأعاق تحقيقها لغايات لم تخدم إلا الفاسدين فقط.
انا ضد إيقاف الدوام الرسمي والدراسة في المدارس والجامعات، وضد تشكيل أفواج مكافحة الدوام وكتابة عبارة "مغلقة بأمر الشعب" على مدارس أطفالنا، وضد حرق دوائر الدولة ومؤسساتها وأملاك خاصة تعود لأشخاص او جماعات، أنا ضد هتافات "نريد وطن“ أضاعت الوطن وتسببت بكل الخسائر التي يتحمل تبعاتها المواطن العراقي الآن، من تأخير الرواتب مروراً بالميزانية الجائرة وحتى قائمة سفراء العراق الجدد، أنا بالضد من ما يُسمى بتشرين التي تقف خلف إنتكاستنا الحالية وأقول إن تشرين بشغبها هي التي تتحمل جزء مسؤولية ما نعانيه الآن مع ما يتحمله آخرون من سياسيين فاسدين اُبتلينا بهم بعد العام (٢٠٠٣) على غفلة منا وضحك مَن ضحك علينا وهو يدفع بنا لننتخب ونصوت للدستور ثم عاد بعد ذلك ليحول بيننا وبين الإنتخابات ويخبرنا بأن الدستور يعتريه الخلل!
تشرين لم تدفع بنا إلى الأمام بقدر ما ساهمت هي الأخرى بتراجعنا، هذه حقيقة نعيشها اليوم بكل تفاصيلها ونحن بنفس المستوى من الخدمات والفساد والغبن وبقاء أهل الحل والعقد يطبقون على معايشنا ومصائرنا!
تشرين كانت مجرد صراع "كراسي"، والجماعة مجرد طلاب ولاية "تختخوا" بمجرد حصولهم عليها، وكل ما وعدوا الناس به عبر ضجيجهم المفتعل وضعوه تحت أقدامهم، وعاد مَن غرروا به مُنكسر الخواطر والمُنى "وحنين ما نازع نعاله"!
تشرين كانت سراباً موجعاً أسكت حجج الناس وإحتجاجاتهم الحقيقية، والثمن بخس جداً، مجرد مناصب شكلية هي في النهاية لن تدوم ولن تستمر طويلاً.
تشرين تبتلع أبنائها واحداً واحدا..
تلتهمهم بشراهة وشراسة ولن تُبقي لهم بقية..
الشباب الضحايا الذين أُثكلت أُمهاتهم وأخواتهم وزوجاتهم وبناتهم أخذت تشرين تمسح أسمائهم من الجدران المتهرئة وهي تحاول جاهدة طمس معالمهم، تشرين لا تريد أن تُبقيهم في ذاكرة الوطن ولا تريد لمن بقي منهم حياً حياة ابدا!
وأنا أجوب فيافي حيرتنا وضياعنا وخيباتنا وخساراتنا المستمرة أجد ضحايا تشرين الذين تُركوا في العراء لوحدهم تتقاذفهم الهموم والحيرة يترقبون نياب تشرين الحادة تقطع أوصالهم فيا لله ويا لتشرين.
https://telegram.me/buratha