مازن البعيجي ||
رويَ أنَّ يومًا مَرِضت أمّ هارون اللا رشيد وأرسل الى الطبيب ليأتي لمعالجتها ، فعندما وصل الطبيب وعاينَ حالها قال : الأمر جدًا بسيط ، وكلّ ما تحتاجُهُ قليلٌ من البابونج ، قليل من الكمون، قليل من السفرجل، قليل من اليانسون ، قليل من أكليل الجبل ، وهكذا أخذ يعدّد، صرخ هارون مستاءًا قائلا: ويحَك ! قليلُك أصبحَ كثير!!!
الشاهد : أنَّ ما يجري اليوم مع الحشد المقدس من ضغطٍ واستنزاف منذ أشهر ، هو قليلٌ من عبوة هنا، وقليلُ تعرُّضٍ هناك، وفي كل مرة يذهب مع هذا القليل عددا من الشهداء ، من خيرة الشباب العقائدي، وهكذا يتكرّر المشهد حتى اصبح القليل كثير!! فقليلنا ليس شيئًا ماديّا، ولاهو من طينة أمثال ام هارون، كي يخضع للمعايير المادية، كلا وألف كلا! إنهم أبطال الوغى ، حماة الدين والمذهب، هم شبابا أوقَفوا حياتهم رهنًا للمرابطة والدفاع عن حياض الاسلام ، إنهم خيرة الأرواح التي تربَّت في ساحاتٍ الجبهات مع تقلّبات الأجواء حيث شدّة البرد والصقيع، وقسوة الحر واللهيب، وضراوة الرياح والعواصف الترابية لحدّ انعدام الرؤية! اولئك الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء بعيدون عن الأهل والأولاد، ساقهم عشقهم لله والنهج الأصيل .
أجل!!
إنهم المرابطون في سبيل الله لصدِّ حثالات داعش وأدوات المتآمرين على شعبنا الجريح ، وليس هم ممّن تربَّوا على قارعة الطريق ، أو ممّن أنتجتهم حواضن العهر والمجون! فخسارة الواحد منهم يعني الكثير، ولعلّها ثِلمة في جدار الصدّ العقائدي، والمواجهة الشريفة والتي من الصعب جدًّا سدِّ ثغرتها أو تعويض خسارتها!!
والسؤال: ترى مَنِ المسؤول عن هذا الصمت إزاء كل تلك الخروقات ؟! ومَنِ المستفيد من هذه التعرضات المتكررة كي تروق له حتى بلعَ لسانه؟! إنَّ ما يجري مع هذه القوة العقائدية ، والحارس الحامي للمشروع المهدوي المقدّس، هو غدرٌ دُبِّرَ في ليل ! هو مشروعٌ خطِرٌ رأس خيطه متّصلٌ بالسفارة وموظَّفيها من الوهابية القذرة!
ترى: هل سنبقى ننزف ومازال النبض فينا ؟! سيما وأنَّ السبب بات معلومًا حتى للمجنون ، أليسَ حقراء السياسة وكلاب المؤامرة وعملاء السفارة هم السبب !! هؤلاء الذين بجمعهم لا يعادلون حزام مقاومٍ يَلفّ ظهره ، ولاخيط حذاء الجنديّ المتهرِّئ وهو مرابط في سوح المواجهة، يحمي الارض والعِرض، في الوقت الذي يغطُّ أولئك الفاسدين في صمتٍ عميق ، النائمين الغارقين في وحلِ العمالة .
أفَهل يُعقَل أنَّ جميع من بيدهِ زمام المسؤولية ، أو ممّن امتلكَ جزءا من قرار ومركزٍ في الحكم قد تعاونوا على تشتيت شمل بلدنا وتمزيقِ وحدتِه؟!! ليكون كل هذا الصمت لغة تفاهُمٍ ، أوإشارة محب أن يا داعش الشر هلُمّي فالضوء اخضر فلا تقصّري فها نحن معكِ!! عجبًا حقًا!!
وعليه : فإننا نطالب ونذكّر ونُحذّر من أنَّ الدماء ليست رخيصة،وأنّ مايجري من استهدافٍ لحشدنا المقدس ، هو بالحقيقة استهداف لكل فئآت الشعب فضلًا عن استهداف مقدساتنا وخيراتنا، وأنَّ الصمت لايخدم سوى الإستكبار وعملاء الداخل ، فمن له التأثير والقرار للحدّ من الانتهاكات ومع ذلك يصمت ويغضّ النظر او يتجاهل مايجري ، فهو بلا شك ولاريب متعاون ومستفيد بل وقاتل بتعمّدٍ مع سبق الاصرار والعمالة !!
فخطورة ما يجري والكلُّ مابين غافلٍ أو متغافل ليس خيرا ، فلابد من وقفة شريفة مع حشدنا الذي يُغتَالُ بصمتٍ وغدرٍ وماهو عن المؤامرة التي تُحاك ضده ببعيد فالهدف إقصاؤه عن الساحة السياسية والأمنية وهذا لايخفى على ذي لبّ!!!
البصيرة ان لا تصبح سهماً بيد قاتل الحسين ومنه يسدده على دولة الفقيه ..مقال قادم نلتقي..دمتم)..
https://telegram.me/buratha