مازن البعيجي ||
شعبٌ مثلَ الشعب العراقي حيث الأعمّ الاغلب منه ، كان يرزحُ تحت ظلمِ البعثيين والقمع الصدامي المجرم ، الذي مارَسَ بحق هذا الشعب المظلوم فنون الأضطهاد والتنكيل ، إضافة الى سلب الكرامات، ومصادرة الحريات ، وهاهو اليوم وبعد اندثار تلك الحقبة المظلمة، يواجِهُ هذا الشعب حربًا اقتصادية مقنَّعة، تحديدا شريحة الفقراء ومحدودي الدخْلِ المعيشي من الموظفين والمتقاعدين ، ومن قِبَلِ بعض اصحاب القرار وممن يعتبر نفسه المظلوم الأول في تلك الحقبة القذرة ، وإذا به اليوم وبعد الصعود باصوات الفقراء تراه لايأبَه ولو على مستوى الدفاع عن حقوق الناس وإيقاف حركة القرارات بإتجاه سلبِ الحقوق وقتلُ الانسانية من حيث لايشعرون وكأنهم سُلِبُوا الشرف والرحمة والمروءة!
لقد نسي هؤلاء ،أنَّ هذا الشعب قد عقد الآمال عليهم يوماً ما، وما أنِ انتهت تلك الحقبة واستبشَر من بقي، وأفلَتَ من يد البعث بأعجوبة من أفلت ، استبشروا خيرا ، ظنًّا أنّ الذي سيَلي أمرهم اولئك الذين تذوّقوا مرارة الظلم وعاينَه، وانكَوى بناره! أما وبعد خيبة الأمل ، بدأت معركة الموت ،ومحاولة إسترجاع البعث ، ضمن مخطط خبيث، الأمر الذي كلّف الكثير من الدماء التي حصدتها الأحزمة الناسفة والمفخخات والاغتيالات وغيرها ، ثم جاء دور داعش الذي أنهكَ كاهلَ الشعب والذي حصدَ ثلة مؤمنة من خيرة ابناء الجنوب والوسط ، ممن كانت تُحرِّكُهم العقيدة والتعلق بالمبادئ والقيم والدين بإتجاه الدفاع والمواجهة!
وفي كل مرحلةٍ ومحطةٍ جديدة، يضعُف بها القرار الشيعي، وينفرط عِقد إخوّة الجهاد على مِشرطِ الفساد وحبّ الدنيا ، والبحث عن المكاسب والامتيازات ، ولا مشكلة ان تَوَقَّف الأمر على مدّ اليد الى السفارة وآل سعود ، المهم هو كم تكسب؟! لا كم تنقذ وتدافع عن حقوق المقهورين والمستضعفين؟!
لينتهي الحال الى مفارقاتٍ مؤلمة، وفساد لا صبر عليه يتعمّد إفقار من ساندوا الوطن ، ومن بدماء أبنائهم قد حفظوه من أضخم مخططات أمريكا وأسرائيل والصهيووهابية القذرة! نعم ! قد حفظوا الارض والعرض من حربِ نار الفقر التي سجّرها المكوّن الذي كان من المؤمَّل ان يستمر بمتابعةِ المجرمين والقصاص منهم ، وممن ساهمَ ولو بشطر كلمة لصالح البعث الكافر ! لا ان يواصل مصاحبتَهُ ومصالحَتهُ ويساهم في نحر أبناء الجنوب والوسط ، وكأنهم قد عاقبوا هذا الشعب على موقفهم المشرف! وأي معاقبة وأي اهانة تلك التي تمنح مثل الأردن، شريك البعث في قتل الشيعة في منحهِ نفط العراق بالمجان عبر موانئ البصرة وهي تطفوا على فقرٍ مدقع جعل من أبنائها بلا أحلام فضلًا عن انعدام ما يسدّ به رمَق العيش وحاجات الحياة الضرورية الأساسية!!! فلقد لعِب الجميع بمقدّرات الشعب ، وجعلوا خيراته نهبًا لايصُبّ إلا في مصلحة عملاء الخارج والداخل ، ومثل نفط العراق يُوهَب بدمٍ باردٍ لدولة الشمال التي تغصُّ بالعمالة الصهيونية حد النخاع وهي محسوبة على بلادنا!!
وأخيرا وليس آخرا ، إنّ مانشاهده اليوم من استقطاعات لرواتب المتقاعدين ممن لاتتجاوز رواتبهم بضع مئات بالكاد تحفظ لهم الكرامة! مايدمي قلب الغيور، سيما بعد رفع سعر الصرف للدولار ذلك الخنجر الذي نحر الفقراء وضيّع قدرتهم على الإستمرار بالحياة وتعليم أبنائهم ، وحفظ ماءِ وجوههم امام حاجاتهم الملحّة!!!
ولو كان بيننا من يَملِكُ جزءا من ضمير ، من الممكن التعويل عليه ليسعِفَ أمّة المقهورين ، وينطق بدل الصمت المخيف والمُشعِر بالعمالة وكأنهُ الرضا بما يجري على شريحة كبيرة ممن ضحّوا ووقَفوا بكل شرفٍ، دون ان يحصَلوا على ربْعِ ما حصلت عليه العاهرات ممن تدور في فلَكِ اصحاب الشعارات والكاذبين!!!
(وَتَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)المائدة 62
وياليتَ لنا صوتًا هادرًا مدافعًا غيورًا كصوتِ ذلك الضرغام العلويّ الامام الخميني وهو يحذّر في احدى خطاباته قائلا:
(أنّ من الأمور المهمّة التي يجب أن أوصي بها ، هي مساعدة عباد الله ، خاصّة المحرومين المحتاجين الذين هم مظلومون ولا ملجأ لهم في المجتمع ، فاستعملْ كلّ ما في وسعك في خدمتهم - فهذا أفضل زادٍ لك ، ومن أفضل الخدمات لله تعالى والإسلام العزيز - وابذلْ جهدك بكلّ ما تستطيع في خدمة المظلومين وحمايتهم في مقابل المستكبرين والظالمين).
٤ / رجب / ١٤٠٢ هـ
البصيرة ان لا تصبح سهماً بيد قاتل الحسين ومنه يسدده على دولة الفقيه ..مقال قادم نلتقي..دمتم)..
https://telegram.me/buratha